عصر سوریان ذهبی
عصر السريان الذهبي: بحث علمي تاريخي أثري
ژانرها
الفصل السادس
السريان والفرس
في جملة الأمصار الخاضعة للكرسي الأنطاكي، نذكر بلاد فارس التي أينع فيها الأدب السرياني بجانب الأدب الفارسي، وبرز فيها أحبار أجلاء وعلماء أفاضل أنشئوا تصانيف سريانية تجلت فيها مواهبهم العقلية، نذكر في مقدمتهم يعقوب أفرهاط الحكيم الفارسي صاحب كتاب «البراهين» الذي أفرغه في قالب سرياني بأسلوب جزل بليغ، ثم الجاثليق شمعون برصباعي (329-341م)، وميلس أسقف شوشن (†341م)، ولسنا ننسى مار ماروثا (†420م) الواسع الشهرة الذي بعثه أرقاديوس قيصر (395-408م) في رسالة توصية إلى يزدجرد ملك الفرس (399-420م)، فارتحل القديس ماروثا ثلاث مرات إلى عاصمة الأكاسرة، وتوصل بمرونته وذكائه إلى كف الاضطهاد عن النصارى، ثم صنف عن الشهداء السريان في البلاد الفارسية كتابا امتاز بلهجته البليغة المؤثرة.
وبعد استقلال السريان بيعيا - كما تحدثنا قبل الآن - أخذ بطاركتهم أو مفارنتهم ينصبون مطارنة وأساقفة لكراسي الأبرشيات السريانية في بلاد فارس، نذكر منها: أبدقون، وسجستان، وأفرة، وجرجان، وخراسان، وهرات، ومراغا، وتبريز، وأذربيجان، وغيرها. وقد اطلعنا على جدول أساقفة تلك الأبرشيات منذ عهد البطريرك قرياقس (793-817م) حتى عهد البطريرك ميخائيل الكبير.
وروى المؤرخون أخبارا طريفة عن بعض علماء السريان وأطبائهم الذين كانت لهم صلات مع ملوك فارس، نذكر من ذلك ما أثبته ابن أبي أصيبعة،
1
وابن النديم
2
عن أبي الخير الحسن بن سوار بن بابا بن بهنام، المعروف بابن الخمار، قالا ما خلاصته: ولد ابن الخمار عام 942، وقرأ الحكمة على يحيى بن عدي التكريتي، وبرع في اللغتين السريانية والعربية، وحذق أصول صناعة الطب وفروعها، وتبحر في الحكمة، وتفرد بتواضعه للضعفاء وبتعاظمه على العظماء، فإذا دعاه السلطان ركب إليه في زي الملوك والعظماء، فكان يسير إليه في ثلاثمائة غلام بالخيول الجياد، وكان السلطان يمين الدولة محمود بن سبكتكين صاحب بخارى يجله غاية الإجلال. وقد صنف ابن الخمار أربعة عشر كتابا، ونقل مصنفات كثيرة من السرياني إلى العربي وأجاد فيها. وتوفي ابن الخمار بعد السنة 997 للميلاد.
وكان المفريان ابن العبري يتردد إلى بلاد فارس ويتعهد مكتباتها الشهيرة،
صفحه نامشخص