فتغير لونها وتشاغلت بالمضغ وبان قلقها من تسرعها فيه وقالت: «اذهب أنت وحدك، ولا حاجة بي إلى الإقامة بقصر الخليفة.»
قال: «ولماذا يا أماه؟ إذا كنت لا تريدين الذهاب معي فأنا أيضا لا أذهب.»
قالت: «اذهب أنت فإن القرب من الخليفة شرف يتمناه القواد، وأما أنا فأمكث هنا على أن تتردد علي حينا بعد آخر لألمسك وأقبلك.»
فعجب ضرغام من استنكافها وإبائها وقال: «بل تذهبين معي فنقيم هناك كما نقيم هنا، وقد وعدت الخليفة بذلك ولا سبيل إلى الإخلاف.»
فوجمت حينا ثم قالت: «ننظر في ذلك.»
قال: «ليس في الوقت متسع فإننا ذاهبون غدا، فقولي لمسعودة تستعد، وسأوصي وردان بأن يساعدها. ولا ريب أنك ستأنسين بمن في قصر الخليفة من النساء فتقضين النهار في الحديث أو سماع الغناء. وذلك خير من بقائك وحيدة هنا. هذا فضلا عن حاجتي إلى وجودك هناك لأمر يهمني.»
فصعد الدم إلى وجنتيها وتغيرت سحنتها وأدارت عينيها دورة تكاد تنطق بما اعتراه من الارتباك، وقالت: «أما الاستئناس فلا أبغيه من سواك فأنت تعزيتي الوحيدة لا أطلب سواها، بل أنا أشترط عليك إذا كان لا بد من ذهابي أن يكون لي الخيار في البقاء بالمنزل أو الخروج منه. ولكن ما حاجتك إلي وأنا مكفوفة البصر كما ترى؟»
قال: «أنت ضوئي، وستكونين عوني على إنقاذي من السعادة التي أعدها الخليفة لي.»
قالت: «إنقاذك من سعادة؟! ماذا تعني؟»
قال: «أعني أن الخليفة خطب لي جارية تركية ذكر أنها أجمل نساء هذه المدينة واختصني بها دون قواده.»
صفحه نامشخص