قالت: «سارتا معا إلى بلاد الروم يستنجدان أهلها على المسلمين. ارتأت جلنار هذا الرأي لنصرة بابك وصحبتها هيلانة؛ لأنها من تلك البلاد وتعرف لسانهم.»
قال حماد: «ومولانا بابك أين هو؟»
قالت: «ليس في البذ الآن ولا هو أسير.»
قال: «فأين هو؟ أخبرينا لا تخافي فإن البذ دخل في حوزة المسلمين، وهم أبقى لنا من سواهم. وأنا أعلم أنك أخبر الناس بما يعمله بابك.»
قالت: «بقي بابك في المعركة يناضل ويدافع حتى تحقق سقوط المدينة فأتاني واصطحب من شاء من نسائه مع أحمال من الطعام والشراب، وأظنه غادر المدينة وأوغل في أرمينيا.»
فنظر حماد إلى ضرغام كأنه يسأله عما يفعلون فقال: «ننصرف.» ثم خرجوا يلتمسون مكانا يتشاورون فيه، وقد لاح الصباح. فقادهم حماد إلى مكان يعرفه وشاهدوا في طريقهم جند المسلمين ينهبون المدينة ويهدمون بيوتها ويحرقون قصورها حتى لا يبقى فيها ملجأ لعدو أو صديق.
ولما وصلوا إلى المكان قال ضرغام: «ماذا يرى البطريق وردان فيما نحن فيه؟ لقد ذكرت القهرمانة أن جهان وهيلانة ذهبتا إلى بلاد الروم. وهي بلاد واسعة، فلو عرفنا البلد الذي تنزلانه لقصدنا إليه.» فضحك وردان لتسميته بالبطريق وقال: «لا حاجة بي إلى هذا اللقب، يكفيني أني صديق ضرغام. وأما جهان وهيلانة فأذن لي أن أضرب في البلاد طولا وعرضا أبحث عنهما ولا أعود حتى أعرف مقرهما .»
فقطع حماد كلامه وقال: «كلا ... لا يذهب أحد في هذه المهمة سواي، إن لضرغام يدا عندي؛ فقد أنقذ خطيبتي واحتفظ بها في بيته مكرمة معززة، فإذا لم أجازه على عمله كنت لئيما. دعني أذهب وحدي أبحث وأفتش ومتى وقفت على شيء بعثت إليكما.»
فقال ضرغام: «ليس من العدل أن تكون عالما بمكان ياقوتة وهي في لهفة للقياك وتذهب في مهمة أخرى.»
قال: «لا تجادلني. لست راجعا إلى أهلي قبل أن آتيك بأهلك وأهل هذا الصديق الأرمني. لقد سررت بمعرفته سرورا كثيرا. وأما ياقوتة فتبقى عندك في سامرا. ويكفي أن تبشرها باللقاء القريب.»
صفحه نامشخص