فأعجب ضرغام بأريحيته، وكان قد شعر بشيء مما يجول بذهنه، ولم يشأ أن يستطلعه إلا إذا هم هو بنفسه بأن يكشف عما به، فقال: «لك ما تريد يا وردان، وغدا نرى ما أعده لنا الأفشين من المهام.»
أما الأفشين فقضى تلك الليلة مع سامان يكيدان لضرغام. وفي صباح اليوم التالي زار ضرغام الأفشين ومعه وردان، فوجداه وحده، وسأله ضرغام عما استقر عليه رأيه فقال: «لا أزال أرى التريث في الحصار برهة أخرى.»
فأجفل ضرغام لهذا التغيير وساءه تأجيل الهجوم فقال: «ولماذا؟»
قال: «إني أرى هجومنا اليوم مجازفة لا تحمد عقباها. فقد قضيت البارحة وأنا أقلب الأمر على وجوهه فلم أوفق إلى تعبئة تضمن لنا النصر.»
قال: «هل لك أن تطلعني على ما تخشاه؟»
فنهض الأفشين ومشى حتى وقف بباب الفسطاط وأطل على البدو حصونها ثم قال: «أرأيت هذه المدينة، إنها أمنع من عقاب الجو ولا سيما من جهة الغرب حيث هذا القصر الفخم فإنه قصر بابك الذي يقيم به، فإذا وصلنا إلى باب السور الذي يليه أخذنا المدينة.»
ثم قال: «ألا ترى هذا التل الشاهق المشرف على المدينة من غربيها؟ لا سبيل إلى القصر إلا من ورائه، والطريق وعر لا يسلكه الجند الكثير ولا يجسر الجند القليل على سلوكه؛ لما يلقاه من نبال الخرمية ومجانيقهم. وبابك كثير الاعتماد على الكمناء فنخاف أن يكون له كمين أو أكثر وراء ذلك التل أو في واديه.»
فقال ضرغام: «أنا ذاهب إلى ذلك التل مع رجالي الفراغنة.»
قال: «إذا فعلت ذلك فإني أعبئ الجند حول الأسوار من جميع جهاتها فتضمن الفتح بإذن الله.»
فقال ضرغام: «ومتى الهجوم؟»
صفحه نامشخص