فلما سمعته يذكر الأفشين ظنته يعلم شيئا عنه فقالت: «وكيف عرفت أني أفكر فيه وما علاقته بي؟»
قال: «أليس هو الوصي عليك؟» قالت: «وماذا في هذا؟»
قال: «لا أخفي عليك ما سمعته وإن كنت تحاولين إخفاءه. علمت أن الأفشين بعد أن جعله أبوك وصيا عليك طمع في زواجك فرفضت، أليس كذلك؟»
فأطرقت وبدا الحياء في محياها ولاح الغضب في عينيها ولم تجب، فقال بابك: «وإن فتاة ترفض الأفشين ملك أشروسنة، ثم ترفض بابك صاحب أرمينيا عفافا ورغبة في الفضيلة لجديرة بالعبادة. وقد بلغت أن الأفشين انتقم منك انتقاما جارحا. ولسوف أنتقم لك منه أشد الانتقام.»
فلما سمعته يلوح بالانتقام من الأفشين مالت إلى القبول، ولكنها بقيت في قلبها ترجو لقاء ضرغام فقالت: «إذا كنت تعني ما تقول وأنك تنتقم لي من الأفشين فاسمح لي أن أنبهك إلى أمر. أنت تعلم أني فارسية مثلك وأن أبي مرزبان كبير لم تكن تخفى عليه خافية من نوايا الفرس على العرب. فأنت متآمر مع الأفشين والمازيار صاحب طبرستان على قلب دولة المسلمين. أليس كذلك؟ أصدقني.»
قال: «صدقت هذا هو الواقع.»
قالت: «فما معنى أن يحاربك الأفشين بجيش من المسلمين؟»
قال: «إنه يتظاهر بنصرته للمسلمين ليجمع أموالهم ويرسلها إلى بلده، ومتى توافر المال اتحدنا جميعا وقلبنا هذه الدولة.»
فنظرت إليه نظرا نافذا والارتياب باد في عينيها وقالت: «أتكون قائد هذا الجند وزعيم العصبة الخرمية والناس يجلون قدرك ويسجدون لك، ثم تنطلي عليك هذه الحيلة؟»
قال: «ولماذا تعدينها حيلة؟ إني أعرف الأفشين من قبل. وقد أجمعنا وأقسمنا على هذا الأمر منذ بضع عشرة سنة ومعنا صاحب طبرستان، وما زلنا نجدد العهد كل عام، فأي نفع له في خداعنا؟»
صفحه نامشخص