فاعترف الكاهن قائلا: «أنت على حق، يبدو ذلك بلا معنى.»
وضع جيمس أدوات المائدة الخاصة به على حافة طبقه. كانت موهوبة من الطراز الأول، على طراز لوكريتيوس وميل ومندلسون، ولكن ثمة شيء آخر فيها أيضا؛ كانت ذات حضور نبيل ونظرة معذبة تمتزج بانعدام كامل لتأمل الذات، أو هكذا يبدو على الأقل. وعلى أي حال، لم يكن السؤال هل كانت طفلة استثنائية؟ ولكن السؤال كيف سيتم التعامل معها؟
لسوء الحظ، لم تكن إسطنبول الأرض المثلى بالنسبة إلى عقل كعقلها؛ فلم تكن كلية روبرت خيارا ممكنا بالنسبة إليها لعدة أسباب، ولم تكن مدرسة البنات في إسطنبول جادة بما يكفي. ربما كان أفضل طريق هو أن تستأجر معلما خاصا يعلمها اليونانية واللاتينية وعلم البلاغة والفلسفة والتاريخ، ولكن مرة أخرى كان المعلمون الخصوصيون في إسطنبول ذوو مستوى متدن إلى حد ما. فكر الكاهن في الأمر قليلا قبل أن يتوصل إلى الحل المثالي؛ سوف يعرض عليها أن يعلمها بنفسه، فمن المثير للاهتمام أن يراقب بنفسه الطريقة التي يعمل بها عقلها. ويكفي اكتسابها للمفردات اللغوية الذي يستحق دراسة منفصلة، كما أن مديريه سوف يسعدون بأي وضع يتيح له التواصل المستمر مع منزل منصف بك.
وبعد تناول الجبن، أتيحت للكاهن مولر فرصة لعرض خدماته. سمح البك لإلينورا بالانصراف، واقترح أن يذهبا هما إلى المكتبة لتناول الكونياك وتدخين السيجار.
قال البك فور أن جلسا: «أتمنى أن تكون قد استمتعت بالطعام.» «نعم، بشدة، كان اللحم رائعا، والبرغل أيضا . أكان ذلك ماء زهر البرتقال؟»
أدار البك كأس الكونياك الخاصة به، وراقب السائل الذهبي وهو ينحسر عن جدران كأسه.
وقال متجاهلا سؤال الكاهن: «أخبرني، كيف تبدو لك الآنسة كوهين من وجهة نظرك الاحترافية؟» «يبدو أنها متماسكة جيدا في ضوء الظروف التي مرت بها.»
فوضع البك كأسه على المائدة المجاورة له. «إنني أقدر تأدبك في الحديث، ولكن ثمة وقت للمجاملة ووقت للمصارحة. إنها لم تتفوه بكلمة منذ الحادث، وكما تعلم، فقد مر شهر تقريبا. إن هذا النوع من الحداد ليس طبيعيا، أليس كذلك؟»
سحب الكاهن نفسا طويلا من سيجاره ثم نفض الرماد، وكان الصمت هو إجابته، وترك قلقه يتوجه نحو حفيف النيران ومرونة الجلد الناعمة وصوت ركبة البك وهو يعيد وضع ساق على ساق.
تساءل الكاهن أخيرا: «هل فكرت في تعيين معلم خاص لها؟ قد يساعدها ذلك في الحصول على مادة أكثر جدية للقراءة وتوجيه تعليمها في الاتجاه الصحيح.»
صفحه نامشخص