داعب والد إلينورا أطراف شاربه وهو يراقب المشهد بلا مبالاة، بينما أخذ فتى المتجر يفتح صناديقه ويخرج محتوياتها. وفي الوقت الذي استغرقه احتساء أكواب الشاي الصغيرة العذبة التي قدمها لهم الحاج بكير، كان الفتى قد أخرج كل السجاد ووضعه في كومتين في اتجاه الحاج بكير. كز الحاج بكير على أسنانه، وخفض فكيه، ثم رمق السجاد الذي يصطف على جدران مخزنه، ثم تنحنح مشيرا إلى الكومة الصغرى ووجه بضع كلمات إلى البك الذي بوغت إلى حد ما وهم أن يطرح سؤالا، ولكن الحاج بكير هز رأسه وكرر تلك الكلمات الثلاث مشوحا بيده نحو أنفه في حسم، كما لو كان يحاول إبعاد بعوضة عن وجهه.
قال البك: «يقول الحاج بكير إن سجادك شديد الجمال، ولكنه لن يأخذ هذه المرة سوى القطع التي على يساره، وهو يعرض خمسمائة جنيه في المجموعة بأكملها.»
راقبت إلينورا رد فعل والدها بعناية. إن خمسمائة جنيه مبلغ كبير، ولكنها أدركت من تعبير وجهه أن السجاد يستحق أكثر من ذلك. وفي الوقت نفسه ظنت أنه قد يوافق على هذا الثمن؛ فالحاج بكير لا يبدو من ذلك النوع من الرجال الذي يرغب المرء في استفزازه، فقد هب غاضبا مرتين في فتى المتجر ورفع يده كي يضربه قبل أن يتذكر الضيوف المجتمعين في صحبته. حركت إلينورا إحدى الحواف غير المربوطة للسجادة بطرف حذائها وهي تشاهد والدها ينهض من المقعد ويسير متمهلا نحو وسط الغرفة. ودون أن يلقي حتى مجرد نظرة على الحاج بكير، جلس القرفصاء بجوار السجاد محل النقاش، وأخذ يرفعها من الكومة ويضعها برفق واحدة تلو الأخرى كما لو كان مزارعا يعتني بمحصوله. وبينما لم ينظر الحاج بكير لكل قطعة إلا لمدة عشر ثوان أو خمسة عشر ثانية، استغرق يعقوب وقتا طويلا يقلب الزوايا ويتشمم النسيج. وعندما انتهى من فحص السجاد، اعتدل واقفا وزم شفتيه. وحدق الرجلان أحدهما إلى الآخر لبرهة من الوقت قبل أن يتحدث يعقوب. «لن أبيعها بأقل من تسعمائة.»
أخذ البك يترجم الكلام، ولكنه قوطع في الحديث، مبديا استياءه وعدم تصديقه، شاعرا بالألم والإهانة. كرر الحاج بكير عرضه السابق، ثم قال إنه يمكنه رفع المبلغ إلى ستمائة، وهذا هو العرض النهائي.
قال يعقوب: «ثمانمائة.»
وعندما ترجم البك عرضه المقابل، عض الحاج بكير على شفته السفلى وتمتم بشيء ما من بين أسنانه، فانزعج البك.
تساءل يعقوب: «ماذا قال؟»
قال البك: «لا شيء ذا أهمية، بل كان يحدث نفسه.»
استمرت المساومة لمدة ساعة تقريبا، وظل الحاج بكير يصيح ويلوح بذراعيه في الهواء بينما وقف والد إلينورا ثابتا لا يتزحزح عن الرقم ثمانمائة.
وظل يردد مرة تلو الأخرى: «تلك هي قيمتها»، بينما ظل الحاج بكير يرفع السعر في نوبات متقطعة.
صفحه نامشخص