کارل پوپر: صد سال از روشنگری
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
ژانرها
الحق أن طلب البساطة بمعنى الرد الفلسفي لا العلمي قد يكون موبقا، ذلك أنه حتى في محاولة الرد العلمي لا بد لنا أولا أن نحيط إحاطة كاملة بالمشكلة المطلوب حلها، ولذا فإن من المهم للغاية ألا يصرفنا التحليل الفلسفي عن المشكلات الشائقة باعتبارها غير مشكلة. فإذا كان هناك على سبيل المثال أكثر من عامل واحد مسئول عن أثر ما، فمن المهم ألا نصادر على الحكم العلمي ونحتله بوضع اليد، إذ أن هناك دائما خطرا قائما هو أن نرفض الاعتراف بأية أفكار غير تلك التي اتفق أنها بحوزتنا، متغاضين عن المشكلة، منكرين وجودها أو مقللين من حجمها. ويزداد الخطر إذا ما حاولنا تسوية المسألة مقدما عن طريق الرد الفلسفي، فالرد الفلسفي يغشي أبصارنا أيضا عن أهمية الرد العلمي.
إنما في ضوء هذه الاعتبارات ينبغي، في رأيي، أن ننظر إلى المقاربة الفيزيائية الجذرية لمشكلة الوعي، فالمشكلة ليست فقط أن ظواهر الوعي تطرح علينا شيئا يبدو مختلفا تماما عما عسانا أن نجده، بنظرتنا الراهنة في العالم الفيزيائي،
41
بل هناك أيضا تلك التغيرات اللافتة والعجيبة، من وجهة نظر فيزيائية، التي اعترت البيئة المادية للإنسان من جراء فعله الواعي والغرضي كما يبدو. وهو أمر لا يمكن التغاضي عنه، ومشكلة لا يمكن إنكارها على نحو دوجماطيقي.
بل إنني لأزعم أن اللغز الأكبر في الكوزمولوجيا قد لا يكون في الانفجار العظيم
Big Bang
الأول، ولا مشكلة لماذا كان وجود ولم يكن عدم (فمن الجائز تماما أن تتكشف هذه المشكلات عن أشباه مشكلات)، بل في أن العالم خلاق بمعنى ما: إذ خلق الحياة، ومن الحياة خلق العقل - وعينا نحن البشر - الذي ينير العالم، والذي هو خالق بدوره. ولعل من أجل النقاط التي ضمنها هربرت فايجل إضافته الملحقة (1967) بمقاله «العقلي والجسمي»
The Mental and the Physical
تلك التي يروي فيها عن أينشتين قوله في محادثة معه بأنه «لو لم يكن ثمة هذا الضياء الداخلي لكان العالم مجرد كومة من النفاية»، وينبئنا فايجل أن هذا هو أحد الأسباب التي تجعله يعدل عن المذهب الفيزيائي الجذري (كما أسميه) ويقبل نظرية الهوية
Identity Theory ، التي تعترف بواقعية العمليات العقلية ولا سيما عمليات الوعي.
صفحه نامشخص