کارل پوپر: صد سال از روشنگری
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
ژانرها
يتبين من ذلك أن المجتمع الذي يسمح بالمعارضة والحوار النقدي (ما يسميه بوبر «المجتمع المفتوح») سيكون بالتأكيد أقدر على حل المشكلات العملية لصناع السياسات من المجتمع الذي لا يسمح بذلك، وسيكون تقدمه أسرع وأقل تكلفة.
في السياسة إذن كما في العلم نحن نتخلى عن الأفكار الراسخة لصالح ما نتوسم فيه أنه الأفضل، فالمجتمع أيضا في تغير دائم، ومعدل التغير في زيادة مطردة، وإذا كان الأمر كذلك، فإن خلق حالة مثالية للمجتمع والإبقاء عليها ليس هو الخيار الأفضل لنا، وواجبنا هو أن نتحكم في عملية التغير المستمر الذي لا يتوقف عند حد، لذا، فإن شغلنا الشاغل هو حل المشكلات، شغلنا هو البحث الدائم عن أسوأ الشرور الاجتماعية ومحاولة إزالتها، الفقر والبؤس، تهديد الأمن، مساوئ التعليم والخدمة الطبية، إلخ، ولأن الكمال أو اليقين غاية لا تدرك، فإن واجبنا ألا ننصرف إلى بناء مدارس ومستشفيات نموذجية بقدر ما ننكب على التخلص من الخدمات الأسوأ وتحسين نصيب الناس من هذه الخدمات، إننا لا نعرف كيف نجعل الناس سعداء، ولكن بإمكاننا رفع ما يمكن رفعه من المعاناة والضنك.
4 (5) بوبر يحفر قبر الماركسية
فيما يقدم بوبر هذه الأفكار كان يشن هجوما شرسا على عتاة المجتمع المثالي، وأهمهم أفلاطون وماركس، ومن المتفق عليه على نطاق واسع أن هجومه على الماركسية هو أقوى هجوم تعرضت له في حياتها، وقد كان هذا الهجوم هو ما أذاع اسم بوبر لأول مرة على المستوى الدولي، لقد أتى على العالم حين من الدهر بعد نشر «المجتمع المفتوح» كان فيه زهاء ثلث الجنس البشري يعيش تحت إمرة حكومات أسمت نفسها «ماركسية»، وهذه الحقيقة وحدها تمنح أفكار الكتاب دلالة كونية، ربما لم يعد هذا الجانب من الكتاب ملحا اليوم كما كان أيام سطوة الماركسية، غير أن ما يتضمنه الكتاب من دفاع إيجابي عن الانفتاح الديمقراطي وعن التسامح يبقى - ربما - أقوى دفاع يسطره قلم في جميع العصور.
5
خاتمة
ولا يسعنا في النهاية إلا أن نختم حديثنا بما كان يحب بوبر أن يختم به أحاديثه، وهو تصوره المبدع عن «صراع النظريات»، إنه تصور ذكي ألح عليه بوبر وأكده مرارا وتكرارا، فهو منبث في تضاعيف كتاباته كلها، وقد ختم به عملا من أجل أعماله «النفس ودماغها»، وختم به أكثر من مقال من مقالاته الهامة.
مع ظهور الإنسان العاقل
Homo Sapiens ، وربما قبل ذلك، بدأ مبدأ جديد للنمو، وهو التطور الثقافي، في التفاعل مع مبادئ التطور التي تحكم الأنواع الأخرى من الكائنات ... إن السمة الأساسية في هذا التغيير كانت هي أن التعديل في المنتجات (المصنوعات)
Artifacts - بدلا من التعديل في الخصائص المورفولوجية أو التشريحية مثل الفك أو الأسنان أو الأيدي - أصبح هو الشكل الأساسي في آلية التكيف. يذهب بيكرتون إلى أن اللغة والقدرة على خلق المنتجات كانت هي العامل الحفاز للشكل الجديد نوعيا من التفاعل بين النوع والبيئة المميز ل «الإنسان العاقل العاقل»
صفحه نامشخص