کارل پوپر: صد سال از روشنگری
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
ژانرها
وللنزعة الكلية
Holism ، ومقاومتها لإغراء التصورات الرومانسية لروسو وهيجل من مثل «الإرادة العامة» أو «الروح القومي»، أو ربما «عقل الجماعة».
21 (12) المذهب السيكولوجي، والتاريخانية، ونظريات المؤامرة
إن تورط المذهب السيكولوجي في فكرة المنشأ السيكولوجي للمجتمع يمثل في رأي بوبر حجة حاسمة، غير أن أهم نقد يوجه إلى المذهب السيكولوجي هو فشل هذا المذهب في فهم المهمة الرئيسية للعلوم الاجتماعية التفسيرية. ليست هذه المهمة كما يظن التاريخانيون هي التنبؤ بالمسار المستقبلي للتاريخ، وإنما هي الكشف عن الآليات الخفية التي تقف في طريق الفعل الاجتماعي؛ ولنقل هي دراسة المادة أو النسيج الاجتماعي: عناده وهشاشته ونزوعه إلى الردة وصعوبة مراسه ومقاومته لمحاولاتنا تشكيله وتناوله.
ولكي يوضح بوبر هذه النقطة، فإنه يعرض لنظرية تحظى بقبول عريض، والتي يعدها رغم ذلك مضادة تماما للغرض الحقيقي للعلم الاجتماعي. ويطلق بوبر على هذه النظرية «نظرية المؤامرة في المجتمع»
Conspiracy Theory of Society . تعني نظرية المؤامرة تلك الوجهة من الرأي القائلة بأن تفسير أي ظاهرة اجتماعية يتألف من كشف أولئك الأشخاص أو الجماعات الذين لهم مصلحة في وقوع هذه الظاهرة (وأحيانا ما تكون هذه مصلحة مستترة يجب أن يتم الكشف عنها أولا)، والذين خططوا لها وتواطئوا على إحداثها.
تنبع هذه النظرة إلى أهداف العلوم الاجتماعية بطبيعة الحال، من نظرية مغلوطة مفادها أنه ما من شيء يحدث في المجتمع (وبخاصة أشياء من قبيل الحرب، البطالة، الفقر ... إلخ، والتي يبغضها الناس) إلا هو نتاج لتدبير مباشر من جانب أشخاص أو جماعات معينة ذات نفوذ. تحظى هذه النظرية بقبول عريض، وهي أقدم من المذهب التاريخي (التاريخانية)
Historicism (والذي يتبين من صيغته اللاهوتية البدائية أنه مشتق من نظرية المؤامرة). وهي في صيغتها الحديثة تعد نتيجة نموذجية لعلمنة إحدى الخرافات اللاهوتية. إن الاعتقاد في آلهة هومرية تضطلع مؤامراتها بتفسير تاريخ حرب طروادة قد انتهى. لقد ولى زمان الآلهة الهومرية. غير أن مكانها قد ملأه «بشر» أو جماعات ذات نفوذ - جماعات ضغط مشئومة يتحمل مكرها مسئولية جميع الشرور التي نعاني منها - من قبيل: «حكماء صهيون»، «الاحتكاريون»، «الرأسماليون»، «الإمبرياليون» ... إلخ.
لا يود بوبر أن نفهم من ذلك أن المؤامرات لا تحدث ولا تحاك على الإطلاق. إذ هي على العكس ظاهرة اجتماعية صميمة. وتبرز أهمية المؤامرات مثلا كلما تقلد الحكم أناس يؤمنون بنظرية المؤامرة. هنالك يتبنى هؤلاء (وبخاصة من يؤمنون بصدق أنهم يعرفون كيف يحققون الفردوس على الأرض) نظرية المؤامرة وينخرطون في نظرية مؤامرة مضادة موجهة إلى متآمرين لا وجود لهم. ذلك أن التفسير الوحيد الذي يستطيعونه لفشلهم في تحقيق جنتهم هو النوايا الشريرة لذلك «الشيطان» الذي له مصلحة مكتسبة في الجحيم!
إن المؤامرات لتحدث، وعلينا أن نعترف بذلك. غير أن الحقيقة المثيرة التي تكذب نظرية المؤامرة، على الرغم من حدوث المؤامرات، هي أن المؤامرات قلما تنجح في النهاية، وأن المتآمرين قلما يتمون مؤامرتهم!
صفحه نامشخص