عرائس البيان في حقائق القرآن
عرائس البيان في حقائق القرآن
ژانرها
وقال جعفر : أي : كونوا من الناس الذين هم الناس ، ولا تغفلوا عن الله ممن عرفه ، إنه من الإنسان الذي خص خلقته بما خص به ، كبرت همته عن طلب المنازل ، وسمت به الرفعة حتى يكون الحق نهايته ، ثم ( إلى ربك المنتهى ) [النجم : 42] ، وسمو همته مما خص به من الاختصاص من التعريف والإلهام.
وقال بعضهم : ( يا أيها الناس ) خطاب العام ، و ( يا عبادي ) خطاب الخاص ، وخطاب خاص الخاص ، ( يا أيها النبي )، ( يا أيها الرسول ).
قوله تعالى : ( اتقوا ربكم ) (1) أي : كونوا على تقديس الأسرار عند كشف الأنوار ، وعلى شرط الانفراد في محبتي عن الأغيار ، ولا تبغوا آثار الأشرار لتكونوا في منازل الصدق من الأبرار ، حذرهم من نفسه.
والإشارة فيه : إن من مال سره في سيره إليه امتنع بعزته عن مطالعة جلاله ، كقوله : ( ويحذركم الله نفسه ) [آل عمران : 28] ، وحقيقة التقوى قدس السر عما سواه بنعت الخوف من فراقه في متابعة هواه.
قال بعضهم : التقوى ترك المخالفات أجمع.
وقال بعضهم : تقوى الله هو الاجتناب من كل شيء سواه.
وقال الواسطي : التقوى على أربع وجوه : للعامة تقوى الشرك ، وللخاص تقوى المعاصي ، وللخاص من الأولياء تقوى التوسل بالأفعال ، وللأنبياء تقويهم منه إليه.
وقوله تعالى : ( الذي خلقكم من نفس واحدة ) (2)، إن الله سبحانه ذكر جميع أوصاف قدمه وأمره ومشيئته ونعته وأفعاله في هذه الآية رمزا وإيماء ؛ لأنه تعالى لما أراد إبداع الخليقة لعرفانها حقوق الألوهية ، وانتشار أنوار المحبة الأزلية في فضاء القلوب وأماكن الأرواح تجلى ذاته لصفاته ، وتجلت صفاته لأفعاله ، وجمع علمه وحكمته وقدرته في نعت واحد وهو الأمر ، فقرنت الإرادة بالأمر ، فنظر في الأمر بنعت الكاف والنون إلى العدم من القدم ، فأظهر جوهر البسيط المجموع فيه الأجسام والأرواح والجوهر والأعراض.
صفحه ۲۲۹