60

نقل هذا الكتاب الساحر المفاجئ كنديد إلى جو من السرور لا يمكن أن يعبر عنه، وأثقله مرض كونيغونده العزيزة ألما، واستحوذ عليه هذان الشعوران، فأخذ ذهبه وألماسه، وأتي به وبمارتن إلى الفندق الذي تقيم به الآنسة كونيغوند، ويدخل راجفا وجدا، خافقا قلبا، زافرا صوتا. ويريد أن يزيح ستائر السرير، ويريد إحضار مصباح، فتقول الخادمة له: «احترز من ذلك كثيرا، فالنور يقتلها»، وتسدل الستائر من فورها.

ويقول كنديد باكيا: «أي كونيغوندي العزيزة! كيف حالك؟ إذا كنت لا تستطيعين أن تريني، فكلميني على الأقل.»

وتقول الخادمة: «إنها لا تستطيع الكلام»، وهنالك أخرجت السيدة من السرير يدا سمينة، فبللها كنديد بدموعه طويلا، ثم ملأها ألماسا، تاركا على الكرسي كيسا مملوءا ذهبا.

وبينا هو هائج وجدا، إذ وصل ضابط شرطة، ومن ورائه الكاهن البريغوري، وفوج من رجال الأمن، ويقول: «إذن، هذان هما المتهمان الأجنبيان؟» ويقبض عليهما حالا، ويأمر رجاله الشجعان بسوقهما إلى السجن.

ويقول كنديد: «لا يعامل السياح في إلدورادو بهذا الأسلوب.»

ويقول مارتن: «إنني مانوي، أكثر مني في أي زمن كان.»

ويقول كنديد: «إلى أين تأتون بنا يا سيدي؟»

ويقول ضابط الشرطة: «سنلقي بكما في غياهب السجن.»

ويعود إلى مارتن اعتدال دمه، ويحكم بأن السيدة التي تزعم أنها كونيغوند مخادعة، وبأن الكاهن البريغوري مخادع، أساء بسرعة استغلال بساطة كنديد، وبأن ضابط الشرطة مخادع آخر، يسهل الخلاص منه.

ويستنير كنديد برأي مستشاره، فيفضل عدم التعرض للتدابير القضائية، فيرى - وهو المتهافت على رؤية كونيغوند الحقيقية - أن يعرض على ضابط الشرطة ثلاث ألماسات صغيرة، تقدر قيمة كل واحدة منها بنحو ثلاثة آلاف دينار، ويقول له حامل العصا العاجية: «آه! يا سيدي، لو كنت مقترفا جميع ما يتصور من جرائم، لعددت أصلح رجل في العالم، ثلاث ألماسات! قيمة كل واحدة منها ثلاثة آلاف دينار! أقتل في سبيلك يا سيدي، بدلا من سوقك إلى سجن مظلم. أجل، يقبض على جميع الأجانب، ولكن دعني أدبر، فلي أخ في ديب بنورماندية، وسآتي بك إليه، فإذا كان لديك ألماس قليل، تعطيه إياه عني بك كما أعنى بك.»

صفحه نامشخص