سهما من كنانتي وان إبلي بمكان كذا فخذ منها ما أحببت ، فقال : لا حاجة لي في إبلك. فلما أراد سراقة أن يعود قال له رسول الله (ص): كيف بك يا سراقة إذا سورت بسواري كسرى؟! قال : كسرى بن هرمز؟ قال : نعم ، فعاد سراقة فكان لا يلقى أحدا يريد الطلب إلا قال : كفيتم. ما ههنا! ولا يلقى أحدا إلا رده (1).
فلما رجع إلى مكة أخبرهم بما جرى فكذبوه ، وكان أشدهم له تكذيبا أبو جهل فقال سراقة :
أبا حكم والله لو كنت شاهدا
لأمر جوادي حيث ساخت قوائمه
وهكذا تابع النبي (ص) سيره نحو المدينة حتى وصل إلى قباء لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول (3) حيث ولد في هذا العالم تأريخ جديد إسمه الهجرة.
مسجد المدينة
في المدينة كانت بداية الإنتقال من الدعوة إلى الدولة ، فكان لا بد من وضع الأسس لبناء تلك الدولة الحديثة التي قدر الله لها أن تكون المنارة الروحية والفكرية للإنسان عبر العصور ، ومصدر إشعاع وخير لكل الأجيال في كل الأزمان ، وأول مؤسسة إجتماعية أقيمت في جسم تلك الدولة هي « المسجد » ففيه تقام العبادة ، وفيه تنشر الرسالة ، يجتمع فيه المؤمنون لآداء واجباتهم الدينية بين يدي ربهم متعبدين له سبحانه وتعالى وحده ، ومن ثم يستمعون إلى ما أوحي للنبي الكريم (ص) ولما يأمرهم وينهاهم ، ولا ننس أن كل لقاء بين النبي وأصحابه في أي مكان لا يخلو من تلك التوجيهات
صفحه ۵۴