١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
ژانرها
ومع ذلك، بالأخذ في الاعتبار المعلومة الواردة في الرسائل، وأعني بذلك ما ورد من أن الملكة لم يكن لها أبناء، وبالأخذ في الاعتبار سلسلة الأحداث التي تلت اغتيال زانانزا، وانتقال العرش إلى رجل يسمى آي، الذي تزوج عنخ إسن آمون رغم كونه مسنا بما يكفي لأن يكون جدها، فإن تحديد هوية كاتبة الرسالة الملكية على أنها عنخ إسن آمون هو الأكثر منطقية. من غير الواضح إن كان آي له أي علاقة بالاغتيال الفعلي للأمير الحيثي، ولكن بما أنه كان الأكثر استفادة، فمن الواضح أن الشكوك تحوم حوله.
عندما أقسم سابيليوليوما بأن ينتقم لموت ابنه، وضع خططا لمهاجمة الحدود المصرية. حذره آي من القيام بذلك، في مراسلة لا تزال موجودة في حالة غير مكتملة، ولكن سابيليوليوما أعلن الحرب على أي حال وأرسل الجيش الحيثي إلى جنوب سوريا، حيث هاجم مدنا عديدة وجلب آلافا من الأسرى، منهم الكثير من الجنود المصريين.
64
لئلا يتساءل أي أحد عما إذا كان يمكن لشخص ما أن يذهب إلى الحرب من أجل شخص واحد، لا يحتاج المرء سوى أن يتأمل قصة حرب طروادة، حيث قاتل الميسينيون الطرواديين مدة عشر سنوات، حسبما قيل، بسبب اختطاف الجميلة هيلين، الأمر الذي سنعود إليه عما قليل. يمكن للمرء أيضا أن يشير إلى اغتيال الأرشيدوق فرديناند في سراييفو في الثامن والعشرين من يونيو، عام 1914، الذي يعتبره الكثيرون الشرارة التي أشعلت الحرب العالمية الأولى.
المفارقة، كما أشرنا أعلاه وكما ورد في «صلوات الطاعون» التي كتبها مورسيلي، أنه يعتقد أن أسرى الحرب المصريين الذين جلبهم الجيش الحيثي معه هم من أحضروا معهم مرضا مريعا، انتشر بسرعة عبر الأراضي الحيثية. بعد ذلك بفترة وجيزة، في عام 1322ق.م تقريبا، توفي سابيليوليوما جراء إصابته بهذا الطاعون؛ والذي ربما كان ضحية للعارض المؤسف بين المصريين والحيثيين بقدر ابنه زانانزا. (8) الحيثيون والميسينيون
ثمة ملاحظة إضافية يمكن تسجيلها حول الحيثيين في هذا الوقت. أثناء حكم سابيليوليوما، بدأت فترة كان الحيثيون خلالها إحدى القوى العظمى في العالم القديم، وكانوا على قدم المساواة مع المصريين ومتجاوزين نفوذ الميتانيين، والآشوريين، والكيشيين/البابليين، والقبارصة. وحافظوا على موقعهم من خلال الجمع بين الدبلوماسية، والتهديدات، والحرب، والتجارة. في الواقع، عثر الأثريون الذي ينقبون في المواقع الحيثية على بضائع تجارية من معظم تلك البلدان الأخرى (التي يمكننا بتعبير معاصر أن ندعوها دولا قومية). وعلاوة على ذلك، عثر على بضائع حيثية في كل تلك البلدان تقريبا.
كان الاستثناء هو منطقة إيجه؛ فالأغراض الحيثية تكاد تكون بلا وجود في سياقات العصر البرونزي في البر الرئيسي لليونان، وكريت، وجزر السيكلاد، وحتى في رودس، رغم القرب الشديد للأخيرة من تركيا. لم يكتشف سوى دزينة من تلك الأغراض، على النقيض من مئات من الواردات المصرية، والكنعانية، والقبرصية التي عثر عليها في نفس السياقات في منطقة إيجه. وعلى الجانب الآخر، لم تستورد تقريبا أي أغراض ميسينية ولا مينوية إلى البلاد الحيثية في وسط الأناضول، على الرغم من أن البضائع المستوردة من قبرص، وآشور، وبابل، ومصر شقت طريقها عبر الممرات الجبلية صعودا إلى هضبة الأناضول الوسطى. هذا التفاوت الواضح في أنماط التجارة لمنطقة البحر المتوسط القديمة ليس مقصورا فقط على عصر سابيليوليوما والقرن الرابع عشر قبل الميلاد، بل يظهر أيضا خلال معظم القرون الثلاثة، من القرن الخامس عشر وحتى القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
65
قد يكون الأمر ببساطة أن أيا من الطرفين لم ينتج أغراضا احتاج إليها الطرف الآخر، أو أن الأغراض المتبادلة كانت قابلة للتلف (زيت الزيتون، والخمور، والخشب، والمنسوجات، والمعادن على سبيل المثال) وتحللت منذ زمن بعيد أو استخدمت لصناعة أغراض أخرى، ولكن ربما أيضا كانت ندرة التجارة متعمدة. سنرى، في الفصل التالي، معاهدة دبلوماسية حيثية منصوصا فيها على حظر اقتصادي متعمد على الميسينيين؛ «ليس مسموحا بأن تذهب إليه سفينة من أخياوا.» ويبدو أنه من المرجح إلى حد بعيد أننا نطالع هنا أحد أقدم الأمثلة في التاريخ على هذا النوع من الحظر.
كما أوضحت في موضع آخر،
صفحه نامشخص