١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
ژانرها
53
لدينا علم بالكثير من الأمور عن سابيليوليوما من السجلات الحيثية، وبخاصة مجموعة من الألواح التي كتبها ابنه وخليفته لاحقا، مورسيلي الثاني، التي تحتوي على ما يعرف باسم «صلوات الطاعون». يبدو أن سابيليوليوما مات، بعد حكم دام قرابة الثلاثين عاما، جراء طاعون جلب إلى بلاد الحيثيين عن طريق أسرى الحرب المصريين الذين كانوا قد أسروا أثناء حرب دارت في شمال سوريا. اجتاح الطاعون عامة الشعب الحيثي. ومات الكثير من العائلة المالكة، بما فيهم سابيليوليوما.
رأى مورسيلي الوفيات، وخاصة وفاة والده، على أنها عقاب إلهي على اغتيال كان قد ارتكب في بداية حكم سابيليوليوما، ولم يسأل سابيليوليوما الآلهة قط الغفران له. كان شقيق سابيليوليوما هو من اغتيل؛ وهو أمير حيثي يسمى توداليا الأصغر. ليس واضحا إن كان سابيليوليوما متورطا في الاغتيال أم لا، ولكن من المؤكد أنه استفاد منه؛ إذ كان المزمع تولي توداليا للعرش بدلا من سابيليوليوما، على الرغم من كل الانتصارات العسكرية العظيمة التي حققها سابيليوليوما نيابة عن والده. يكتب مورسيلي:
ولكنك الآن، أيتها الآلهة، قد انتقمت من أبي بسبب مسألة توداليا الأصغر. [مات] أبي بسبب دم توداليا، والأمراء، والنبلاء، وقادة الآلاف، والضباط الذين مضوا إلى أبي، هم أيضا ماتوا بسبب تلك المسألة. هذه المسألة نفسها حلت على أرض خاتي، وبدأ سكان أرض خاتي في الهلاك بسبب هذه المسألة.
54
لا نعرف أي تفاصيل أخرى عن عملية استيلاء سابيليوليوما على السلطة، عدا أنها نجحت كما هو واضح. إلا أننا عرفنا بعد ذلك أحداثا مهمة إضافية من فترة حكمه، بفضل وثيقة طويلة عنوانها «أعمال سابيليوليوما»، والتي كتبها أيضا ابنه وخليفته، مورسيلي الثاني. يمكن لتفاصيل حكم سابيليوليوما أن تستغرق كتابا كاملا، والذي سيكتب دون شك في مرحلة ما. أما هنا فسيكفي أن نقول ببساطة إن سابيليوليوما تمكن من إعادة معظم منطقة الأناضول إلى السيطرة الحيثية، من خلال حروب شبه متواصلة ودبلوماسية ماكرة. ووسع كذلك من النفوذ الحيثي، وحدود الإمبراطورية، وصولا إلى شمال سوريا، حيث من المحتمل أن يكون قد دمر مدينة ألالاخ، عاصمة مملكة موكيش.
55
أدت به حملاته العديدة إلى الجنوب والشرق في نهاية المطاف إلى الدخول في صراع مع المصريين، وإن كان ذلك لم يحدث إلا في عصر إخناتون. أدت به هذه الحملات أيضا إلى الدخول في صراع مع ميتاني، الواقعة في موضع أبعد شرقا، أثناء حكم ملكها، توشراتا. هزم سابيليوليوما في النهاية مملكة ميتاني وأخضعها، ولكن ذلك لم يحدث إلا بعد عدد من المحاولات؛ بما فيها الحرب التي يطلق عليها «الحرب السورية العظمى»، عندما سلب سابيليوليوما ونهب واشوكاني عاصمة ميتاني.
56
من ضمن المدن الأخرى التي هاجمها سابيليوليوما ودمرها والتي كانت واقعة في نطاق الأراضي الميتانية كان موقع قطنة القديمة، تل المشرفة الحالي، الذي يقوم فيه أثريون إيطاليون وألمان وسوريون بأعمال تنقيب حاليا. جرت اكتشافات هائلة في العقد الماضي فحسب، منها مقبرة ملكية غير منهوبة، ورسوم جدارية إيجية الطراز عليها صور لسلاحف ودلافين، وقطعة من الطين عليها الاسم الذي حمله إخناتون عند اعتلاء العرش (ربما استخدمت لختم جرة أو كانت في الأصل مرفقة برسالة)، وعشرات الألواح من الأرشيف الملكي، وكلها كانت واقعة داخل أو تحت القصر. من ضمن هذه الألواح يوجد رسالة يرجع تاريخها إلى حوالي 1340ق.م من هانوتي، القائد الأعلى للجيش الحيثي تحت حكم سابيليوليوما، يخبر فيها إيدادا ملك قطنة أن يستعد للحرب. عثر على الرسالة في البقايا المحروقة لقصر الملك، في دليل على أن الحيثيين قد هاجموها وانتصروا.
صفحه نامشخص