١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
ژانرها
يستمر إلى يومنا هذا ما استتبع ذلك من ترجمة للنصوص المكتوبة بالنظام الخطي بي التي عثر عليها في مواقع مثل بيلوس، وميسيناي، وتيرنز، وثيفا، بالإضافة إلى كنوسوس، وقدمت هذه الترجمة نافذة إضافية للإطلال على عالم الميسينيين. أضاف الدليل النصي إلى التفاصيل التي كانت بالفعل معروفة من أعمال التنقيب وسمح للأثريين أن يعيدوا تشكيل عالم العصر البرونزي في اليونان، تماما مثلما كان بمقدور زملائهم، الذين كانوا يعملون في مواقع في مصر والشرق الأدنى، أن يفعلوا في تلك البلاد، كنتيجة مترتبة على ترجمة نصوص مكتوبة باللغات المصرية، والحيثية، والأكادية. جملة القول ببساطة، أن البقايا الأثرية، إلى جانب النقوش النصية، أتاحت للباحثين المعاصرين أن يعيدوا تشكيل التاريخ القديم.
نحن حاليا نعرف أن الحضارة الميسينية بدأت بالأساس في القرن السابع عشر قبل الميلاد، في نفس الوقت تقريبا الذي كان فيه المينويون على جزيرة كريت يتعافون من الزلزال الكارثي الذي يميز (وفقا للمصطلحات الأثرية) الانتقال من حقبة القصور الأولى إلى الثانية على الجزيرة. كان واس وبليجن هما أول من أطلقا على الفترات الزمنية المتعاقبة التي تخص الميسينيين اسم الحقبة الهلادية المتأخرة، حيث تمتد الحقبتان الهلاديتان المتأخرتان الأولى والثانية من القرن السابع عشر وحتى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وتنقسم الحقبة الهلادية المتأخرة الثالثة إلى ثلاثة أقسام: الثالثة «أ» ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر، والثالثة «ب» ويرجع تاريخها إلى القرن الثالث عشر، والثالثة «ج» ويرجع تاريخها إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد.
65
لا تزال الأسباب الكامنة وراء صعود الحضارة الميسينية محل نقاش بين الأثريين. وذهب أحد الاقتراحات الأولى إلى أنهم ساعدوا المصريين في طرد الهكسوس من مصر، ولكن هذه ليست وجهة نظر مقبولة عموما في يومنا هذا. إذا كانت الأغراض التي عثر عليها في المقابر العمودية في ميسيناي تمثل أي إشارة يعول عليها في هذا الصدد، فإن بعضا من أقدم التأثيرات في ميسيناي أتت من كريت. في الواقع، زعم إيفانز أن المينويين كانوا قد غزوا البر الرئيسي لليونان، لكن واس وبليجن نقضا لاحقا هذا الزعم؛ وكل الباحثين يقبلون رأيهما في وقتنا هذا. من الواضح حاليا أن الميسينيين عندما سيطروا على كريت ، سيطروا أيضا على طرق التجارة الدولية إلى مصر والشرق الأدنى. وأصبحوا فجأة (نسبيا) فاعلين في العالم المتسم بالعولمة؛ وهو دور سيستمرون في استثماره على مدى القرون العديدة التالية، حتى نهاية العصر البرونزي المتأخر.
كان المصريون على ما يبدو يعرفون الميسينيين باسم «تاناجا»، بينما كان الحيثيون يطلقون عليهم اسم «أخياوا»، وعلى نفس المنوال دعاهم الكنعانيون (إن كانت النصوص في أوغاريت التي كانت تقع أبعد قليلا جهة الشمال في سوريا تمثل أي إشارة) «خياوا»؛ أو كذلك نعتقد، حيث إن أسماء الأماكن هذه لا تناسب أحدا إلا الميسينيين. إذا كانت هذه الإشارات لا تخص الميسينيين، فإن هذا الشعب غير معروف في نصوص المصريين والقوى العظمى الأخرى في العصر البرونزي المتأخر في الشرق الأدنى، ولكن هذا يبدو غير مرجح نظرا لأعداد الآنية والأوعية الميسينية التي عثر عليها في تلك الأقاليم في سياقات يرجع تاريخها من القرن الرابع عشر إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد.
66 (12) هل كانت هناك حرب طروادة أقدم؟
إذا كانت أخياوا تمثل كلا من البر الرئيسي لليونان والميسينيين، وإذا كانت الرسالة المعروفة باسم كيه يو بي ستة وعشرين 91 التي عثر عليها في حاتوسا تظهر أن أخياوا كانت متورطة بطريقة ما مع أسوا أثناء تمردها على الحيثيين، إذن ماذا يمكننا أن نستنتج؟ يرجع تاريخ الرسالة ذاتها، وكل تلك الرسائل المتعلقة بتمرد أسوا، إلى عام 1430ق.م، قبل نحو مائتي سنة من التاريخ المقبول عموما لحرب طروادة (التي عادة ما يحدد تاريخها بأنه في الفترة ما بين عامي 1250 و1175ق.م). كل تلك البيانات المعروضة أعلاه، بما في ذلك السيف الميسيني ذي النقش الأكادي الذي عثر عليه في حاتوسا، يمكن أن تكون سلسلة من ظواهر لا صلة بينها. ومع ذلك، قد يكون من الممكن تأويلها على أنها تشير إلى أن محاربين من منطقة إيجه في العصر البرونزي كانوا متورطين في تمرد أسوا على الحيثيين. إذا كان الأمر كذلك، يمكن اقتراح أن هذا كان العون الذي سجل تاريخيا في السجلات الحيثية المعاصرة والذي استحضرته، على نحو أكثر غموضا نوعا ما، التقاليد الأدبية لليونان القديمة والكلاسيكية اللاحقة؛ ليس باعتباره حرب طروادة، وإنما باعتباره المعارك والغارات السابقة على حرب طروادة في الأناضول التي استحضرت أيضا ونسبت إلى أخيل وأبطال أسطوريين آخيين آخرين.
67
يتفق الباحثون حاليا على أنه حتى في «إلياذة» هوميروس يوجد روايات عن محاربين وأحداث من قرون تسبق الخلفية التقليدية لحرب طروادة في عام 1250ق.م من هذه الأمور الدرع البرجي الخاص بالمحارب أياس، وهو نوع من الدروع كان قد اختفى قبل القرن الثالث عشر قبل الميلاد بوقت طويل. ويوجد أيضا السيوف «المرصعة بالفضة» الخاصة بأبطال عديدين، وهو نوع غالي الثمن من الأسلحة كان قد توقف استخدامه قبل حرب طروادة بوقت طويل. ويوجد قصة بيليرفونتيس، المروية في الكتاب السادس من «الإلياذة» (الأبيات 178-240)، وهو بطل يوناني من شبه المؤكد أنه من وقت ما قبل حرب طروادة. أرسل بروتيوس، ملك تيرنز، بيليرفونتيس من تيرنز في البر الرئيسي لليونان إلى ليكية في الأناضول. وبعد إتمامه ثلاث مهمات وتغلبه على عقبات إضافية عديدة، كوفئ في نهاية المطاف بمملكة في الأناضول.
68
صفحه نامشخص