١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة

محمد حامد درويش d. 1450 AH
160

١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة

١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة

ژانرها

7

ومن الأمثلة على هذا الجهد البحثي عمل ويليام ديفر، الأستاذ الفخري في جامعة أريزونا والأستاذ المتميز لآثار الشرق الأدنى بكلية ليكومينج، الذي قال بشأن الفترة التي تلت الانهيار في منطقة كنعان: «ربما يكون أهم استنتاج يمكن استخلاصه حول «العصر المظلم» ... هو أنه لم يكن هكذا على الإطلاق. بالأحرى تبرز [هذه الفترة]، التي توضحها تدريجيا عمليتا الاكتشاف والبحث الأثريتان، بمثابة المحفز لعصر جديد؛ عصر من شأنه أن يستند على أنقاض الحضارة الكنعانية ويورث العالم الغربي الحديث إرثا ثقافيا، بخاصة من خلال الفينيقيين والإسرائيليين، والذي لا نزال ننهل منه.»

8

علاوة على ذلك، كما صرح كريستوفر مونرو، فإن «كل الحضارات تتعرض في نهاية الأمر لإعادة هيكلة عنيفة للحقائق المادية والأيديولوجية من قبيل التدمير أو إعادة التشكيل.»

9

نشهد هذا في البزوغ والأفول المستمرين للإمبراطوريات عبر الزمن، بما في ذلك الأكاديون، والآشوريون، والبابليون، والحيثيون، والآشوريون الجدد، والبابليون الجدد، والفرس، والمقدونيون، والرومان، والمغول، والعثمانيون، وغيرهم، ولا ينبغي أن نعتقد أن عالمنا الحالي بمنأى عن ذلك؛ لأننا أكثر عرضة لذلك في واقع الأمر مما قد نود أن نعتقد. وبينما يتضاءل انهيار بورصة وول ستريت في عام 2008 في الولايات المتحدة بالمقارنة بانهيار عالم منطقة البحر المتوسط في العصر البرونزي المتأخر برمته، فإنه كان ثمة من حذروا من إمكانية وقوع شيء مماثل إذا لم يجر إنقاذ المؤسسات المصرفية ذات البعد العالمي على الفور. على سبيل المثال، نقلت صحيفة «ذا واشنطن بوست» عن روبرت بي زوليك، الذي كان حينئذ رئيس البنك الدولي، قوله «ربما يكون النظام المالي العالمي قد وصل إلى «نقطة تحول حاسمة».» عرفها بأنها «اللحظة التي تتحول فيها أزمة ما تدريجيا إلى انهيار كامل ويصبح صعبا للغاية على الحكومات أن تحتويها.»

10

في نظام معقد مثل عالمنا اليوم، هذا كل ما يمكن أن يستلزم ليصبح النظام بكامله مزعزعا، مما يؤدي إلى الانهيار. (1) ماذا لو؟

اعتبرت فترة العصر البرونزي المتأخر بحق أحد العصور الذهبية في تاريخ العالم، وفترة ازدهر خلالها بنجاح اقتصاد عالمي مبكر. لذا قد نتساءل، هل كان تاريخ العالم سيأخذ منعطفا مختلفا، أو كان سيتبع مسارا مختلفا، لو لم تنته الحضارات في هذه المناطق؟ ماذا لو لم تكن سلسلة الزلازل في اليونان وفي شرق المتوسط قد حدثت؟ ماذا لو لم يكن ثمة موجات جفاف، ولا مجاعات، ولا نازحون ولا غزاة؟ هل كانت نهاية العصر البرونزي المتأخر ستأتي في نهاية المطاف على أي حال، بما أنه يبدو أن كل الحضارات تبزغ وتأفل؟ هل كان أي من التطورات التي تلت ذلك ستحدث في نهاية الأمر أيا كان الأمر؟ هل كان التقدم سيستمر؟ هل كان سيتحقق المزيد من التقدم في التكنولوجيا، والأدب، والسياسة قبل قرون من الوقت الذي حدث فيه بالفعل؟

بالطبع هذه الأسئلة هي أسئلة بلاغية، وهي أسئلة لا يمكن الإجابة عنها؛ لأن حضارات العصر البرونزي انتهت «بالفعل» وتعين «بالفعل» أن يبدأ التطور بداية جديدة تماما في مناطق من اليونان وحتى الشام وما بعدها. ونتيجة لذلك، تمكنت شعوب جديدة و/أو دويلات مدن جديدة مثل الإسرائيليين، والآراميين، والفينيقيين في شرق المتوسط، ولاحقا الأثينيين والإسبرطيين في اليونان، من ترسيخ وجودها. ومن تلك الشعوب أتت في نهاية الأمر تطورات جديدة وأفكار مبتكرة، مثل الأبجدية، وديانة التوحيد، وأخيرا الديمقراطية. في بعض الأحيان يتطلب الأمر حرائق غابات واسعة النطاق للمساعدة على تجديد النظام البيئي لغابة معمرة والسماح لها بأن تزدهر من جديد.

صفحه نامشخص