١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
ژانرها
72
فإن عساف ياسور-لانداو من جامعة حيفا اتخذ مؤخرا موقفا معارضا لهذه الصورة التقليدية، كما سنرى أدناه. (5) عمليات التدمير في بلاد الرافدين
حتى شرقا في بلاد الرافدين، يمكن رؤية أدلة على التدمير في مواقع متعددة تشمل بابل، ولكن من الواضح أن المتسبب في ذلك قوى أخرى غير شعوب البحر. نعرف تحديدا أن الجيش العيلامي، الذي زحف مجددا من جنوب غرب إيران، هذه المرة تحت قيادة ملكهم شوتروك ناخونته، تسبب على الأقل في بعض من هذا الخراب.
كان شوتروك ناخونته قد وصل إلى العرش العيلامي في 1190ق.م وحكم حتى 1155ق.م على الرغم من أنه يبدو أن عيلام (كشأن الممالك الأخرى في الإقليم) كانت ذات دور هامشي إلى حد ما على الساحة العالمية خلال معظم العصر البرونزي المتأخر، فإنها كانت على صلة ببعض الممالك الكبرى عن طريق الزواج. تزوج شوتروك ناخونته من ابنة ملك كيشي بابلي، تماما مثلما فعل كثيرون من أسلافه؛ إذ كان أحدهم قد تزوج من ابنة كوريجالزو الأول في القرن الرابع عشر قبل الميلاد؛ وتزوج آخر أخت كوريجالزو؛ وتزوج ثالث ابنة بورنا بورياش في وقت لاحق من نفس القرن. كانت أم شوتروك ناخونته نفسه أميرة كيشية، كما يطلعنا في رسالة كتبها إلى البلاط الكيشي، وكما اكتشف المنقبون الألمان في بابل.
73
في هذه الرسالة، يشتكي من أنه جرى تخطيه فيما يتعلق بتولي العرش البابلي، رغم كونه مؤهلا تماما للمنصب، بما في ذلك بحكم الولادة. ويتضح استياؤه جليا إذ يكتب: «لماذا لا أجلس على عرش بلاد بابل، وأنا ملك، ابن ملك، حفيد ملك، سليل ملك، وملك (؟) بلاد بابل وبلاد [عيلام]، وحفيد الابنة الكبرى للملك العظيم كوريجالزو العظيم؟» ثم يهدد بالانتقام، قائلا: «سأدمر مدنكم، وأحطم حصونكم، وأوقف قنوات [ريكم]، وأهلك بساتينكم»، ويضيف: «يمكنكم أن تصعدوا إلى السماء، [ولكنني سأسحبكم إلى الأسفل] من أهداب ثيابكم، ويمكنكم أن تهبطوا إلى الجحيم، [ولكنني سأسحبكم إلى أعلى] من شعركم!»
74
وقد وفى بتهديداته في 1158ق.م، فغزا بابل، واستولى على المدينة وأطاح بالملك الكيشي، ثم وضع ابنه على العرش. وأكثر ما يشتهر به أنه جلب أيضا إلى مدينة سوسة (شوشان) عاصمة عيلام كميات هائلة من الغنائم من بابل، تشمل نصبا من حجر الدايورايت، يصل طوله إلى ثماني أقدام تقريبا، منقوش عليه شريعة حمورابي، بالإضافة إلى نصب نصر تذكاري يخص الملك الأكادي الأسبق نارام سين، وأغراض عديدة أخرى. اكتشفت هذه الأغراض لاحقا في عام 1901 أثناء عمليات التنقيب الفرنسية في سوسة وأرسلت إلى باريس، حيث هي معروضة حاليا، في متحف اللوفر.
75
كان الدافع وراء حملة شوتروك ناخونته هو على ما يبدو رغبته في مملكة وبلاد بابل، وربما يكون قد أحسن استغلال الاضطرابات التي كانت جارية في منطقة شرق المتوسط في هذا الوقت. ومن المحتمل جدا أنه عرف أنه لم يكن ثمة أحد تقريبا يمكن أن يلجأ إليه الملك الكيشي طلبا للمساعدة . ومن المرجح جدا أن الحملات التالية التي اضطلع بها ابن شوتروك ناخونته وحفيده في بلاد الرافدين قد تأثرت هي الأخرى بحقيقة أن القوى العظمى في القرون السابقة إما لم تعد موجودة وإما صارت أضعف كثيرا. ومع ذلك، فمن الواضح أنه لا يمكن أن ينسب أي من عمليات التدمير، المرتبطة بهذه الأنشطة العسكرية، إلى شعوب البحر. (6) عمليات التدمير في الأناضول
صفحه نامشخص