[معارف الحكماء]
قال: فلما انتهى الكلام منهما إلى هذا الحد، وعلم العالم أنه ذو فطنة ونباهة ونبالة، ونظر وتمييز، ورغبة في طلب العلم سأله لينظر معرفته.
قال العالم: من أين ؟
قال الوافد: من فوق الأرض ومن تحت السماء.
قال العالم: كم لك ؟
قال: كذا وكذا سنة.
قال له العالم: ما ترى ؟
قال: أرى أرضا وسماء، وما بينهما.
قال: فما ترى في السماء ؟
قال: أرى شمسا تحرق، وقمرا يشرق، ونجوما تزهر، وماء يمطر، ورياحا تذري، وسحابا يجري، وطيرا يهوي، وليلا ونهارا، وأياما مختلفة.
قال العالم: فما ترى في الأرض ؟
قال الوافد: أرى برا وبحارا، وسهولا وأوعارا، وترابا وأحجارا، وأثمارا وأشجارا، وأنهارا وقرارا.
قال العالم: فكم الدنيا ؟
قال الوافد: ليل ونهار.
قال العالم: فكم الخلق ؟
قال: ذكر وأنثى.
قال العالم: فكم الناس ؟
قال الوافد: الناس أربعة: واحد فيه خير وشر، والثاني شر بلا خير، والثالث خير بلا شر، والرابع لا خير فيه ولا شر.
قال العالم: فكم الناس وما هم بعد ذلك ؟
قال الوافد: نبل وسفل، فلا النبل لهم قدر عند السفل، ولا السفل لهم قدر عند النبل.
قال العالم: فكم الكلام ؟
قال الوافد: أربعة: خطاب، وجواب، وخطأ، وصواب.
قال العالم: ففيم العجب ؟
قال الوافد: في سبعة.
قال العالم: من هم ؟
قال الوافد: عبد عرف الله وعصاه، وعرف الشيطان وأطاعه، وعرف الدنيا فجمع لها، وذكر الموت فطابت نفسه، وعرف الآخرة فبغضها، وعرف الجنة فلم يرغب إليها، وعرف النار فلم يرهبها.
صفحه ۲۶۰