قال العالم: كأني بالشاب المليح، وهو في النار طريح، ثاوي يصيح، بمقامعها جريح، ( يطلب الراحة لا يستريح، بين أطباق العذاب يصيح )، كم من شيخ كبير، في العذاب المستطير، لم ترحم شيبته، ولم تكشف كربته، ولم تقبل معذرته، قد أطعم الضريع، وسقي الحميم، وعري وجرد، وقرب للعذاب ومدد، وضرب بالمقامع وتهدد، وغلل بالسلاسل وقيد، ونزل في أدراك النار وأفرد، وطرد من الرحمة وأبعد، وبسط له في النار ومهد، وغلظ عليه العذاب وجدد، ( ومزق جلده بالسياط وبدد، وصب عليه العذاب وخدد ).
فالويل له من توابيت النيران، وغضب مالك الغضبان، يقول له: هذا جزاء ما أذنبت وعصيت، وأخطأت وتعديت، وسوفت وتوانيت، لم تنته من العيب، ولم تتعظ بالشيب، ( بالمعاصي جاهرت، وبنفسك خاطرت، والصلاح أظهرت، والفساد والنفاق أسررت )، هذا جزاء من أظهر الصلاح وأضمر الفساد، هذا ( جزاء من أساء وظلم العباد )، هذا جزاء من ترك صلاته وأطال الرقاد، هذا جزاء من كان للمسلمين كثير العناد، ( هذا جزاء من نافق وقسي منه الفؤاد )، هذا جزاء من أضاع الصلاة ولم يهتم بها في الأوقات، هذا جزاء من تركها واتبع الشهوات، هذا جزاء من عصى الله في الخلوات.
قال الوافد: كيف يستريح في الدنيا من وعد بهذه المصائب ؟
قال العالم: من ارتكب المحارم، واكتسب المآثم، دخل هذه الدار، وخلد في عذاب النار.
صفحه ۳۰۰