[التواضع]
قال الوافد: كيف التواضع ؟
قال العالم: يا عجبا ممن خلقه الله من نطفة!! ورزقه من غير كلفة!! كيف لا يلزم التواضع والعفة ؟! وعجبا ممن خلق من ماء مهين! كيف يغتر بمال وبنين ؟! وعجبا ممن أصله من التراب والطين! كيف لا يتواضع للفقراء والمساكين ؟! كيف يضحك ويعجب ؟! ويلهو ويطرب ؟! ويفتخر ويلعب ؟! والقبر منزله، والتراب وساده، لا يعتبر، ولا يستغفر، أليس بعد الغنى الفقر ؟! وبعد العمارة القبر ؟! كيف يتكبر من أوله من تراب ؟ووسطه ريح في جراب ؟! وآخره ميتة في خراب ؟! كيف يفرح بالمنى ؟! من هو عرض للفناء ؟! كيف يطمئن بالسرور ؟! من تعجله المنية للقبور ؟! وكيف يفرح بمضاجعة النواهد ؟! من يضاجع الدود غدا في الملاحد.
أيها المعجب بالدنيا وشبابه، المختال في مراكبه وثيابه، المفتخر بأهله وأصحابه، انظر إلى المنقول من أترابه، إلى ظلمة اللحد وترابه، أيها المفتخر برجاله وأمواله، المعجب بأحواله وأشغاله، انظر المقبور وتفكر في حاله، أيها المتطاول بعشائره وأحبابه، المسرور بعلومه وآدابه، انظر إلى المغافص في شبابه، المختطف من بين أحبابه، هل منع عنه حجابه، أو تبعه أصحابه.
أيها الجامع أنواع العلوم، هل تعلم ما سبق لك في المعلوم ؟! أتدري أمقبول أنت أم محروم ؟! أمحمود عند ربك أم مذموم ؟!
يا صاحب العلم والإفادة، أمعك خبر من الشقاوة والسعادة، أيها الناظر في الدقائق، ألك أمان من البوائق ؟! هل علمت بالحقائق ؟! حتى رضي عنك الخالق، ما حيلتك إن هتك سترك غدا في مشهد الخلائق ؟!
صفحه ۲۹۳