أولهن: أن يعلم العبد أن طاعة الله عليه واجبة، وأن رزقه على الله، أفلا يستحيي العبد من الله أن يراه حريصا على رزقه، كسلانا عن طاعة ربه، يمن على قوم أجسادهم معافاة، وعقولهم ثابتة، وقلوبهم آمنة، ونفوسهم طيبة، قد أحسن الله إليهم، فلا ينظرون إلى شيء من قدرة الله، ولا إلى نعمه عليهم فيشكرون، ولا إلى من كان من قبلهم فيعتبرون، ولا إلى ذنوبهم فيستغفرون، ولا إلى ما وعدهم الله في الآخرة فيحذرون، أفلا يستحيي من آمن بالله أن يراه الله مع أولئك مقيما، لا بثا ساكنا ومؤانسا، حاضرا مجالسا.
وأما الثاني: فإن الله أعطى وقضى يعطي وهو راض، أفلا يستحيي العبد أن يرضى برضى ربه عند عطاه، ولا يرضى برضاه عند القضاء، كما يرضى برضاه عند العطاء.
وأما الثالث: فإن الله يرضى لعبده الجنة، ويأمره بالعمل الصالح لما يصلح له من الخير، فيعمل العبد مالا يرضى الله له، ويكره ما يرضى الله له من الخير، ولا يترك المعاصي والشرور ولا يرضى برضى الله له، ويكون له ولد يحبه ويريد له الدنيا، وربما قبضه الله إليه وهو له ولي، أفلا يرضى العبد برضى الله كما رضي أولا بعطائه، وهو يعلم أن موت ولي الله خير له من حياته في هذه الدنيا الفانية، المحشوة هموما وغموما ونغصا وغصصا وآفاتا وشرورا.
قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله ؟
قال العالم: وراء ذلك الإستقامة. أما سمعت قول الله عز وجل: { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم لا هم يحزنون } [الأحقاف: 13].
قال الوافد: بين لي ذلك يرحمك الله ؟
صفحه ۲۷۳