فتقدمت إحدى الإناث خطوة إلى الأمام.
ونادى الهمجي بصوت رنان مرتفع قائلا: «قفوا، قفوا!»
وشق طريقه إلى المنضدة، وحدقت فيه الدالات في دهشة شديدة.
وقال نائب وكيل الخازن في صوت خافت جدا: «يا لفورد، إنه الهمجي!» وأحس بالفزع الشديد.
وصاح الهمجي جادا، قال: «أرجوكم أن تنصتوا، أعيروني آذانا مصغية ...» إنه لم يخاطب الجمهور من قبل قط، فشق عليه الآن جدا أن يعبر عما أراد أن يقول: «لا تأخذوا هذه المادة المريعة، إنها سم، إنها سم.»
فقال له نائب وكيل الخازن وهو يبتسم له ويعطف عليه: «أيها الهمجي، هل تسمح لي أن ...»
سم للروح كما هو سم للبدن. «أجل، ولكن أرجوك أن تدعني أواصل التوزيع، إنك رجل طيب.» وربت على ذراع الهمجي برفق يشوبه الحرص، كأنه يربت على حيوان مفترس شرير، وقال له: «أرجو أن تدعني ...»
فصاح الهمجي: «كلا!» - «ولكن انظر هنا أيها الشيخ ...» - «اقذفوه جميعا، هذا السم المريع.»
وكأن لهذه الكلمات «اقذفوه جميعا» أثر قوي في وعي الدالات، واخترقت طبقات سميكة من الجهل، وعلت زمجرة الجمهور الغاضب.
فقال الهمجي وقد التفت إلى القوائم: «لقد جئت لآتيكم بالحرية، جئت ...»
صفحه نامشخص