وحدثت نفسها قائلة: «ربما كان ذلك لأنه يحبني.» وقد تحول هذا الشك بغتة إلى يقين، إن جون قد أبى الحضور لأنه لم يحبها، إنه لم يحبها.
وكانت كبيرة معلمات أيتن تقول لمدير الإحراق واسترداد الفسفور: «عندما أفكر أني فعلا ...»
وسمع صوت فاني كراون وهي تقول: «نعم إن رواية الكحول صادقة جدا، إن إحدى صديقاتي كانت تعرف شخصا ممن كانوا يشتغلون في مخزن الأجنة في ذلك الحين، وقد ذكرت ذلك لصاحبتي، وقالت لي صاحبتي ...»
وقال هنري فستر، وهو يعطف على كبير المنشدين: «الأمر سيئ للغاية، وقد يشوقك أن تعرف أن مديرنا السابق أوشك أن ينقله إلى أيسلنده.»
وكان برنارد في نشوة من ثقة النفس، فوخزته كل كلمة قيلت بشأنه، وتزعزعت تلك الثقة من نواح عدة، وأخذ يتجول بين ضيوفه شاحب اللون، ثائرا مخبولا شاعرا بضعته، يتلجلج بعبارات الاعتذار المتفككة مؤكدا لهم أن الهمجي سيحضر قطعا في الاجتماع التالي، ومتوسلا إليهم أن يتريثوا حتى يتناولوا شطيرة من الشريان السباتي وشريحة من فيتامين «أ» باتي وزجاجة من الشمبانيا الجديدة، وانكبوا على الطعام في الحال وقد تجاهلوه، وشربوا، وجابهه بعضهم بالوقاحة، وتحدث بعضهم إلى بعض بشأنه مسيئين إليه وصائحين كأنه لم يكن معهم.
وقال كبير منشدي كانتربري بذلك الصوت الجميل الرنان، الذي كان يلقي به الخطاب يوم الاحتفال بعيد فورد: «والآن يا رفاقي، أظن أن الوقت قد حان ...» ثم نهض وألقى كوبه، وأزال بالفرجون عن صداره الأرجواني اللزج فتات الوجبة الكبيرة التي تناولها في غير أوانها، ثم سار نحو الباب.
وانطلق برنارد كالسهم إلى الأمام كي يقطع عليه الطريق. - «هل لا بد لك حقا يا كبير المنشدين ...؟ ما زال الوقت باكرا جدا، وكنت أتعشم أنك ...»
أجل لقد كان كبير الأمل عندما أسرت إليه ليننا أن كبير المنشدين سيلبي الدعوة إن وجهت إليه، قالت: «أعلم أنه لطيف حقا.» وأطلعت برنارد على المشبك الصغير الذهبي على شكل
T ، الذي أعطاه إياها كبير المنشدين ذكرى لعطلة نهاية الأسبوع التي قضتها في معهد الغناء بمنطقته.
وذكر برنارد في تذاكر الدعوة متفاخرا: «مقابلة كبير منشدي كانتربري والهمجي.» لكن الهمجي اختار هذا المساء دون الأمسية الأخرى جميعا، ليحبس نفسه في حجرته ويصيح: «هاني.» بل ويقول: «سنز ايسو تسانا!» (وكان من حسن حظ برنارد أنه لا يفهم لغة زونو)، وقد انقلبت اللحظة التي كان ينتظر برنارد أن يبلغ فيها القمة في تاريخ حياته كلها إلى لحظة إذلال شديد.
صفحه نامشخص