وولول برنارد يائسا وقال: «ولكن ماذا عساي صانع؟»
وصرخ جون من الداخل محنقا وقال: «اذهب إلى سقر.»
وكان الدمع ينهمر من عيني برنارد وهو يقول: «ولكن كبير منشدي كانتربري هناك الليلة.»
ولم يستطع الهمجي أن يعبر تعبيرا دقيقا عن إحساسه تجاه كبير المنشدين إلا بلغة زوني، فقال: «آي يا تاكوا!» وبعد فترة عن له أن يقول: «هاني!» ثم قال بوحشية وازدراء: «ستزايد تسارنا.» وبصق على الأرض، كما يفعل بوبي لو كان في موضعه.
واضطر برنارد في نهاية الأمر إلى أن يتسلل - وهو منكمش - إلى مسكنه، ويخبر الجماعة القلقة أن الهمجي لن يظهر ذلك المساء، وقوبل الخبر بالغضب الشديد، وحنق الرجال لأن هذه الخدعة اضطرتهم إلى التأدب في السلوك مع هذا الشخص الزري، صاحب السمعة المنفرة والآراء المتزندقة، وكلما علا الواحد منهم في سلم المراكز الاجتماعية زاد استياؤه.
ولبث كبير المنشدين يكرر قوله: «كيف تسخرون مني أنا هكذا!»
أما النسوة فقد أحسسن وهن حانقات أن مخلوقا من طراز «−ج» الجثماني - رجلا قميئا تعسا صب الكحول في قارورته خطأ - قد خدعهن بالمظاهر الكاذبة؛ فهاج النسوة وعلا صوتهن بالاحتجاج، وكانت كبيرة المعلمات أشدهن شعورا بالإيذاء.
وسكتت ليننا وحدها عن الكلام، وانتحت زاوية من المكان، وعزلتها عمن أحطن بها عاطفة لم يشاركنها الإحساس بها، وشحب لونها وخيمت على عينيها الزرقاوين سحابة من الغم الذي لم تعهده من قبل، لقد أتت إلى هذا الاجتماع يملأ نفسها شعور غريب من الجذل والشوق، كانت تحدث نفسها وهي تدخل الغرفة وتقول: «سوف أراه بعد بضع دقائق، وأتحدث إليه، وأخبره أني أحبه أكثر من أي شخص آخر عرفت (وقد جاءت بهذا العزم المصمم)، وربما يقول لي بعد هذا ...» - «ماذا يقول؟ لقد تدفق الدم في وجنتيها.» - «لماذا كان غريبا جدا تلك الليلة بعد الذي شهدنا في دار الصور المحسة؟ كان غريبا جدا، ولكني برغم هذا على ثقة تامة بأنه يحبني، إني واثقة ...»
وفي تلك اللحظة ألقى برنارد تصريحه بأن الهمجي لن يحضر الجمعية.
فشعرت ليننا فجأة بكل الإحساسات التي تمر بالمرء عادة عند بدء علاج عاطفة عنيفة من العواطف المستحدثة؛ أحست بفراغ مريع، وبخوف تتقطع منه الأنفاس، وبالقرف الشديد، وكأن قلبها قد سكتت نبضاته.
صفحه نامشخص