عالم السدود والقيود
عالم السدود والقيود
ژانرها
وجاءني بعد ذلك فسألني: هل تعبت كثيرا من البق والبراغيث؟
قلت: كلا! لم أشعر لها بوجود.
قال: لكن هذه «الملاعين» ستظهر قريبا عندما تشم «نفس الناس» وتزعجك كثيرا، ومن العجيب أنها لم تظهر أمس والحجرة مهجورة والأغطية مخزونة، فلا بد من تطهير السرير وحدائد النافذة والباب للقضاء عليها ...
وطفق الخبيث يهول لي في فتك هذه الحشرات وألاعيبها في الاختفاء والظهور كأنها تحاور السجناء وتلاعبهم لعبة «الاستخفاء» عن عمد وتدبير.
وخشيت أن يكون ما قال حقا؛ لأن المزعجات كلها مسلطة على السجناء في اليقظة والرقاد.
فقلت: وكيف نقضي عليها ونستريح منها؟
قال: بالنار، اطلب سعادتك موقد الغاز من السجان وهو لا يضن به على مثلك، وقل له: إنك تريده لتطهير الحجرة من البق والبراغيث.
فشكرت له إخلاصه، وانتظرت حتى جاءني السجان فطلبت منه «الموقد» وذكرت له الغرض منه، فلم يضن به كما قال الرجل، بيد أني علمت بعد لحظات قليلة حقيقة ذلك الإخلاص الذي شكرت صاحبنا عليه!
فما هو إلا أن تسلم الموقد مشعلا حتى أسرع قبل كل شيء فأشعل منه لفة من خيوط الصوف ونظر إلى الدور الأعلى - وهو الدور السادس - فإذا بلبدة تسقط على مقربة منه كأنها سقطت عفوا بغير طلب، وإذا به يدس فيها اللفة المشعلة ويطويها طيا محكما ويقذف بها حيث سقطت، وهو يقول في صوت بين الهمس والنداء: «خذ التليفون؟»
والتليفون كما علمت بعد ذلك هو الخيط المهرب على هذا المنوال لإشعال الزمامير!
صفحه نامشخص