الذي يفصل بين جزيرة زيلاند وبين الطرف الجنوبي الغربي للسويد، والمضيقان الأولان من المضايق الواسعة، بينما مضيق السوند ضيق ومتحكم فعلا في مدخل بحر البلطيق.
وتتكون الدنمارك في مجموعها من إرسابات بحرية من الزمنين الثاني والثالث كما تتكون من الحجر الجيري والطباشيري والرمال والطين البحري، والاستثناء الوحيد هو جزيرة بورنهولم التي يتكون معظمها من الصخور البلورية القديمة، ولقد تعرضت الدنمارك بكاملها للغطاءات الجليدية السميكية خلال عصر البليوستوسين، ومن ثم فإن مظاهر التعرية الجليدية واضحة في مورفولوجية الأراضي الدنماركية، ولهذا فإن غالبية الأشكال المورفولوجية تتسم بطابع التعرية الجليدية، ومن أهم تلك المظاهر الركامات الجليدية التي تعكس أشكال التصرفات المائية، إلى جانب التلال ذات الانحدارات التدريجية، وذلك بالإضافة إلى شكل السواحل الذي تكثر فيه ظاهرة الفيرد
Foerd - وهو نوع من الفيوردات يظهر في الأراضي الصخرية القليلة الارتفاع، ناجم عن التعرية الجليدية حيث يعقبه هبوط في خط الساحل وبحيث تغمر المياه هذه الوديان الجليدية السابقة.
ومعظم الدنمارك أراض سهلية، ولا تتجاوز المناطق التلية العالية فيها خط كنتور مائتي متر، ويختلف شكل الساحل من مكان إلى آخر، ولكن يمكن أن نقول إن ساحل شبه جزيرة جتلند المطل على بحر الشمال هو أكثر استقامة من خطوط الساحل الشرقي في شبه الجزيرة أو الجزر التي تكون الأرخبيل الدنماركي، وكذلك يتميز ساحل جتلند الغربي - المطل على بحر الشمال - بالشواطئ الرملية، وكثرة الكثبان الرملية، وقد كان لهذا التكوين أثره الواضح في توجيه الدنمارك السكاني والمدني والبحري، فلقد ظلت المنطقة الغربية من جتلند أقل حظا من الاستغلال الاقتصادي الزراعي من بقية شبه الجزيرة، وترتب على ذلك أن غالبية السكان والمدن تركزت على الساحل الشرقي، وترتب على ذلك أيضا أن معظم الموانئ الدنماركية والتوجيه البحري قد اقتصر على منطقة البلطيق ودول سكندنافيا الأخرى موليا ظهره لبحر الشمال إلى فترة قريبة جدا حينما اتجهت تجارة الدنمارك إلى دول أوروبا الغربية، وخاصة بريطانيا عبر بحر الشمال بعد انضمام الدنمارك لمجموعة دول التجارة الحرة
EFTA
ثم انضمامها هذا العام إلى السوق الأوروبية.
وقد ظلت صلات الدنمارك البرية ضعيفة بجارتها الطبيعية ألمانيا عبر البرزخ الأرضي الوحيد الذي يصلها بالبر الأوروبي نتيجة لوجود نطاق من المستنقعات صعبة الاختراق تمتد في جنوب شبه جزيرة جتلند في محور عرضي من البحر البلطي إلى بحر الشمال، وقد أدى ذلك النطاق إلى ضعف الاتصال الأرضي بين الدنمارك وألمانيا، وكون بذلك نوعا من الحدود الحضارية والسياسة والطبيعية بين الدنمارك الصغيرة وألمانيا الكبيرة مساحة وسكانا واقتصادا، وقد ساعد ذلك على أن تظل الدنمارك بعيدة عن النفوذ الألماني، ونمو الدنمارك نموا سليما بعيدا عن علاقات القارة الأوروبية المضطربة سياسيا طوال القرن السابع عشر إلى القرن العشرين.
هذان العاملان الطبيعيان: صعوبة الملاحة وفقر البيئة في جتلند الغربية، وحاجز الأمان في جتلند الجنوبية، قد ساعدا بدون شك على أن تتمركز الدنمارك بعيدا إلى الشرق عن هذين الحاجزين، لكن العامل الحاسم في تكوين نواة الدنمارك في الجزر وليس في شبه الجزيرة يرتبط بدون شك بعلاقات الموقع والمكان لهذه الجزر على مدخل البلطيق، ومن ثم تأسست دولة الدنمارك على أساس العلاقات التجارية البحرية في هذا الجزء من أوروبا، مستغلة هذا الموقع الجغرافي التجاري المتحكم أحسن استغلال في الماضي والحاضر.
فأقدم الأدلة على السكن البشري في الدنمارك تشير إلى العصر الحجري القديم - الباليوليتي، وكانت المجموعات التي تعيش في الفترة التالية - الحجري المتوسط - تمارس الصيد والجمع وتعيش في قرى سكنية كبيرة نسبيا، كما كانت تعرف صناعة الفخار، ولا شك أن في ذلك دلالة واضحة على وجود سكن مستقر بسبب حيوان الصيد إلى جانب الصيد البحري الشاطئي، وفي خلال عصر البرونز والنحاس عرف سكان الدنمارك الزراعة حينما أصبح المناخ أميل إلى الدفء، وبذلك عاش الدنماركيون المزارعون في قرى كبيرة أو مزارع متناثرة داخل الغابات النفضية التي كانت سائدة آنذاك.
وقد أدت الزراعة وانتشارها بين السكان إلى قطع الأشجار تدريجيا منذ تاريخ قديم، وكان آخر عهد الدنمارك بالغابات ذات المساحات الكبيرة في خلال العصور الوسطى، وفي تلك الفترة نستطيع أن نقول: إن المنظر الطبيعي لسطح الأرض كان قد تغير إلى سطح بشري لكثرة انتشار الحقول الزراعية.
صفحه نامشخص