، ويكون البلانكتون غذاء القشريات والأسماك، وكلها تكون غذاء لحيوانات أكبر مثل الحوت وفيل وعجل البحر - الفقمة. والثعلب القطبي يعيش على بقايا طعام الدب القطبي المعتبر أساسا من عجل البحر، ومع انفتاح البحار صيفا تفد إلى المنطقة القطبية أعداد هائلة من الطيور البحرية التي تقيم أعشاشها على وليمة ضخمة أساسها الحشرات أو الأسماك في المياه الضحلة.
ويشابه نبات التندرا البلانكتون في دوره الأساسي بالنسبة للحياة في محيطه، ولهذا فإن نوع وغزارة النبات إذا كان صالحا للأكل هما ضابط الحياة الحيوانية في التندرا، ولهذا فمن الطبيعي أن تكون التندرا الجنوبية أغزر نباتا وحيوانا، وأن تكون التندرا الشاطئية أقلها بالنسبة لتنوع الحياة.
وحيوانات التندرا قليلة التنوع ولكنها أساس النشاط البشري، وكما شاهدنا أيكولوجية الحياة البحرية في صورة دورة تنتهي بغذاء الدب القطبي فإن هناك أيضا دورة حياة تبدأ في التندرا باعتماد الحيوانات العشبية على النبات، تتكون هذه الحيوانات من الأرنب البري بصفة دائمة وأعداد مهاجرة من الرنة - أوراسيا، والكاريبو وثور المسك - أمريكا، وعلى هذه الحيوانات العشبية تعيش رتبة أكلة اللحوم من الثعالب والذئاب والفاقم «الأرمين
Ermine »، وتهاجر هذه الحيوانات جميعها مع الطيور إلى الشمال خلال الصيف وذلك بالإضافة للدب القطبي المتوطن في الإقليم.
وتتكيف هذه الحيوانات بصور شتى مع حياة القطب، بعضها ذو فراء أو ريش أبيض وطبقة شحمية كبيرة لتلك التي تظل في العالم القطبي، وعدد قليل منها يقوم بعملية البيات الشتوي، ولكن في نهاية الصيف تهاجر أعداد كبيرة من الحيوانات والحشرات والطيور جنوبا، وبعض الطيور تلتجئ إلى المشتى في المناطق المدارية، الكاريبو يلجأ إلى التاييجا ووراءه الذئب آكله الرئيسي.
أما بالنسبة للإنسان فأهم أشكال الحياة الحيوانية هو الرنة والكاريبو؛ لأنهما مصدر ممتاز للحم والجلود، وحين يستأنس يستخدم أيضا لجر الزحافات، وبين اللاب تحلب الرنة مما يعطيها وظيفتي البقر وحيوان الجر معا. (4) حضارات العالم القطبي
في هذه الظروف الطبيعية القاسية قد تبدو حضارات سكان العالم القطبي بدائية وخاضعة لهذه الظروف خضوعا تاما، ولكن الباحث المدقق يجد أن حضارة هذه المناطق تميزت بابتكارات كثيرة في استغلال القليل الذي تركته الطبيعة، ولكن مع ذلك فمستوى الاستغلال بالمقارنة بالتكنولوجيا الحديثة هو فعلا ضئيل، فإن النمط الحضاري السائد لم يستغل الموارد المعدنية أو الطاقة المائية، والسبب الرئيسي هو العزلة الحضارية الجغرافية التي عاشها سكان العالم القطبي آلاف السنين؛ ولهذا لم يستفيدوا مما استفاد به سكان العوالم الأخرى من احتكاك ونقل حضاري.
خريطة رقم (2): توزيع السكان الأصليين في العالم القطبي: (1) الإسكيمو. (2) المغول القدماء الشرقيين. (3) مجموعة الياكوت التركمانية. (4) مجموعة مغول التنجوس. (5) المغول الغربيين. (6) الفنوكاريلي واللاب والأست. (7) مناطق سكن الأوروبيين في العالم القطبي.
وهناك تشابه كبير بين حضارة العوالم القطبية في كل من أوروآسيا وأمريكا، وهذا التشابه راجع إلى تشابه الموارد الطبيعية وتعددها بالإضافة إلى حصول هذا التشابه الحضاري، ولقد لوحظ سرعة انتشار الاختراعات والأفكار الجديدة، ولا عجب لأن سكان الإقليم يقومون بزيارات وانتقالات مستمرة خلال الشتاء الطويل.
ويعتمد سكان المنطقة القطبية على الحيوان، ولا يستخدمون النبات لا في الغذاء ولا كمصدر لعمل الجدائل، ويلبسون ملابس متشابهة ويسكنون مساكن متشابهة، ويستخدمون أدوات قريبة الشبه من بعضها البعض، ويستخدمون الزحافات في الانتقال، ولا تضايقهم نظم أو قوانين سياسية واقتصادية معقدة، بل يعيشون في مجتمعات قبلية بسيطة ويعملون في مجتمعات صغيرة، ولا يتميز عمرانهم باستقرار مديني ولا دائم، فهم يتنقلون دائما في مجموعات صغيرة العدد وراء الصيد، وهذه الحياة المتنقلة مع البيئة الفقيرة لا تقيم أود عدد كبير من السكان.
صفحه نامشخص