على ضفاف النيل: في عصر الفراعنة
على ضفاف النيل: في عصر الفراعنة
ژانرها
غير أن الهكسوس ابتلعتهم المدنية المصرية، فلم يلبثوا بعد أن كانوا همجا، حتى تمصروا واندمجوا في المصريين، وقلدوا أنماطهم وعبدوا آلهة مصر، ولكن على الرغم من ذلك لم يغفر لهم المصريون جرم فتحهم لبلادهم، فكانوا يلقبونهم بالهمج والرعاة والكفرة احتقارا لهم وحطا من شأنهم.
وقر الهكسوس في مصر أيام الأسرات 14، 15، 16، 17 زمنا اختلف المؤرخون في تقديره من قرنين إلى خمسة قرون، كانوا يحكمون مصر، إما مباشرة من عاصمتهم أفاريس - في برزخ السويس - أو بواسطة ولاة أو ملوك من المصريين يحكمون باسم الهكسوس.
وغير الهكسوس أساليبهم العتيقة في حكم البلاد، ولكن ذلك لم يغير من قلوب المصريين نحوهم.
وقرب آخر أيامهم استطاعت عدة ولايات في الوجه القبلي أن تنفصل عن الهكسوس، وكانت أهم هذه الولايات طيبة، التي بدأ أمراؤها أو ملوكها يشقون عصا الطاعة على الهكسوس ويجابهونهم بالعداء، وما زالوا في حروب مستمرة معهم حتى تم طردهم على يد «أحمس» مؤسس الأسرة 18.
حرب الاستقلال
لم يبدأ هذه الحرب «أحمس»، بل بدأها ثلاثة؛ هم: «سكنن رع الأول» ملك طيبة، و«سكنن رع الثاني»، و«سكنن رع الثالث».
وفي عهد هذا الأخير كان ملك الهكسوس الذي يحكم من أفاريس هو «أبابى»، وقامت بين هذا الملك المغتصب وبين «سكنن رع» حرب لا نعلم من تفاصيلها سوى أن البطل «سكنن رع» مات فيها، فليسجل له التاريخ مجد الدفاع عن الوطن.
1
ونجح «كاموز» بن «سكنن رع» في طرد الهكسوس من الوجه القبلي حتى مدينة منف، تاركا لأخيه «أحمس» مهمة إجلاء الهكسوس عن مصر تماما.
لقد كانت مهمة «أحمس» من أشق المهام، لقد كان فرضا عليه أن يطوي الأمراء تحت جناحيه. لقد رأى من حسن السياسة أن يضمن الحالة في الجنوب في حرب قد تستبقيه أعواما طوالا في الشمال، فتزوج من ابنة ملك إتيوبيا الذي أمده بجيش من جنوده الأشداء. لم يكد «أحمس» يبدأ بالزحف إلى الشمال، حتى كانت جماهير المتطوعين من المصريين تتدفق إلى جيشه؛ لتخلص البلاد من الأعداء. لقد اضطر «أحمس» إلى إرجاع الجنود الإتيوبيين؛ حتى لا يشارك المصريين أحد في فخر استرجاع الاستقلال. ها هو ذا الجيش يسير إلى الشمال، ولواء البر معقود «لأحمس بنحب»، ولواء الأسطول معقود «لأحمس بن أبانا»، والقيادة العامة للجيش، والأسطول لجلالة الملك «أحمس». سار الأحاميس الثلاثة حتى وصلوا عاصمة المغتصبين - وكانت تحوطها قناة متصلة بأحد فروع النيل - وحاصروا مدينة «أفاريس» يعضدهم الرأي العام المصري، ولم يفت في عضدهم خيانة الخائنين، ودعاة الهزيمة الذين اضطروا «أحمس» لفك الحصار والعودة إلى الجنوب؛ لإخماد تلك الثورات عدة مرات.
صفحه نامشخص