على ضفاف النيل: في عصر الفراعنة
على ضفاف النيل: في عصر الفراعنة
ژانرها
فإن أبيت إلا برهانا عمليا، واعتبرت هذا مجرد كلام، فها هو «بيبي الأول» - من ملوك الأسرة السادسة - لم ير غضاضة في أن ينزل إلى صفوف العامة والأوساط المنحطة، فيستخدم ذوي الكفايات منهم ويقلدهم معظم مناصب الدولة الهامة، التي كانت من قبل وقفا على الكهنة والأمراء. أليست هذه هي الديمقراطية لحما ودما ومعنى، وإن لم تكن لفظا؟!
وخلف هذا الملك الديمقراطي «بيبي الثاني»، الذي حكم ما يزيد على 90 سنة، وهو أطول حكم حكمه ملك واحد في التاريخ، وقرب آخر أيامه استقل حكام المقاطعات، وصاروا يتنازعون فيما بينهم، وعادت مصر إلى الانقسام الذي أنقذها منه «مينا» منذ ألف سنة.
وظل الانقسام تتبعه الفوضى مخيما على مصر أيام الأسرتين السابعة والثامنة، وفي أيام الأسرتين التاسعة والعاشرة انحصر النزاع بين مدينتي هرقليوبوليس - مكانها أهناسية - ومدينة طيبة - مكانها الأقصر - وانتهى هذا النزاع بسقوط هرقليوبوليس وانتصار طيبة.
الفصل الثالث
عهد الإقطاع والهكسوس (2160ق.م-1580ق.م)
تجربة جديدة
لما انتصر أمراء طيبة على هرقليوبوليس، أخضعوا جميع مقاطعات مصر لهم، ووحدوا القطر من جديد.
غير أن تلك الوحدة تأسست على نظام جديد؛ هو نظام الإقطاع.
ويتلخص ذلك النظام في أن مصر قسمت إلى عدة مقاطعات، يحكم كل مقاطعة أمير، يكاد يكون فرعونا في مقاطعته، يملك الأرض وما عليها، وكان الأمراء يرثون الحكم عن آبائهم، ولم تكن هناك رابطة تربطهم بالملك إلا دفع قدر من المال لخزينته كل عام، وإمداده بالجنود إذا احتاج إلى ذلك، وكان الأمراء بوجه عام يشعرون بواجب الولاء للملك، غير أنهم كانوا إذا استضعفوا الملك يمتنعون عن دفع الضرائب، ويحاربونه إذا أصر على أخذها، ومن أجل ذلك كان الملوك يقيمون حرسا قائما لحمايتهم، وكان هذا أول عهد لمصر بالجيوش القائمة.
تحت هذا النظام خدم ملوك الأسرة الثانية عشرة - أشهر نجوم ذلك العصر الزاهرة - مصر خدمات جمة.
صفحه نامشخص