فبدا الاهتمام في وجه مصرباي وقالت في لهفة: أصل باي وجانبلاط؟! بماذا يتحدث الناس عنهما يا شهددار؟
قالت: يقولون يا خوند: إن جانبلاط قد عقد له على أصل باي، فهي زوجته منذ عاد من الشام كبيرا للأمناء في قصر الظاهر!
فشحب وجه مصرباي وقالت : ماذا تقولين يا شهددار؟ هذا كثير! أفلا يعرف الظاهر قنصوه من أمر أخته وكبير أمنائه ما يعرف الناس؟
قالت شهددار معتذرة: إنه حديث الناس يا مولاتي، وقد ظللت أنكره زمانا، حدثتني به اليوم جارية طومان!
فزاد اهتمام مصرباي وقالت: جارية طومان! وماذا يعني طومان وجاريته من أصل باي وجانبلاط؟! وماذا يعنيك حتى تتحدث به إليك جاريته؟!
ثم سكتت برهة وأردفت تسأل صاحبتها: أكان طومان يعرف أنك على نية زيارتي اليوم؟
قالت شهددار: أظن ذلك يا مولاتي، فقد أنبأت جاريته بذلك أمس!
قالت: آه ...! لعلي قد فهمت شيئا ... ولأمر ما يرسل طومان جاريته إليك اليوم بهذا النبأ لتبلغيني إياه! إن أمورا خطيرة تدبر بليل!
ثم عادت إلى الصمت وأطرقت تفكر، ورفعت رأسها بعد حين لترى شهددار وقد ازدحمت في عينيها دموعها وتسابقت على خديها، فقالت تريد أن تميل بها إلى ناحية أخرى من الحديث: كذلك تبكي العاشقات في خلواتهن، ولا يسمع لهن نشيج! قولي لي: ألم تزل جارية طومان تزورك لتنقل بينكما الرسائل؟ فلماذا أخفيت عني هذا النبأ بادئ الأمر يا خبيثة؟! الآن قد اطمأن قلبي فليطمئن قلبك، إن طومان لا يخيس بعهده أبدا يا شهددار، ولا يحنث في يمين ... كذلك كان أبوه وكان جده فيما سمعت من حديث أهلي في بلاد القبج!
وصمتت فجأة ... ماذا أذكرها الساعة بلادها وقد فارقتها منذ سنين بعيدة، فلم تخطر لها قبل اليوم على بال!
صفحه نامشخص