قالت آيريس في نفسها بانزعاج مفاجئ: «إنها تحيك أمرا ضدي. يجب أن أسبقها.»
فور أن بدأت في التعجل، انهارت أعصابها مجددا. بدأت يداها ترتعشان فلطخت شفتيها بلطخة حمراء فاقعة، أشبه بفاكهة مسحوقة أكثر منها بالزهر القرمزي الذي سميت باسمه درجة اللون تلك. لم تستطع العثور على مشطها، فاستسلمت وخرجت مندفعة إلى الممر.
حدق بها الرجال وتمتمت النساء متذمرات بينما كانت تدفعهم جانبا دون اعتذار. في الواقع، كانت تعي بالكاد وجودهم، إلا كعقبات عديدة في طريقها. بعد كل ذلك التأخير، كانت تندم على كل لحظة ضاعت. في خضم انفعالها، رأت على مسافة كبيرة منها هيئة العانس الضئيلة بإبهام.
يتعين عليها الإسراع للحاق بها، لكن ظلت وجوه تحول بينها وبين هدفها؛ وجوه مبتسمة أو عابسة لغرباء. كانت ما تلبث تتلاشى مثل الضباب، لتفسح المجال لوجوه جديدة. رأت لمحات لعيون وأسنان، وأجساد متلاصقة. ظلت تدفع وتجاهد، حتى احمرت وجنتاها، وسقطت خصلة مموجة من شعرها على وجنتها.
عندما وصلت أخيرا إلى الجزء الأقل ازدحاما من الممر، ذكرها مظهر البروفيسور - وهو يدخن سيجارا بينما يتطلع من النافذة - بالتقاليد. شعرت بالخجل من نتيجة تعجلها، فبدأت تتحدث بسرعة. «هل يبدو مظهري مزريا؟ لقد كان الحشد مريعا. لم يدعوني أمر.»
لم يبتسم البروفيسور، فمع جمالها الأخاذ كان شعرها غير المصفف واحمرار وجنتيها يعطيان انطباعا عابثا لا يروق له. ولم يرق كذلك للسيد تودهانتر، الذي كان ينظر إليها بانتقاد خلال باب مقصورته الصغيرة المفتوح.
مع أنه كان يدعي أنه يجيد الحكم على جاذبية النساء، كان من النوع الذي يفضل بركة تزينها أزهار الزنبق على شلال. كان لا يقف أبدا ليتأمل صورة غير موضوعة داخل إطار، فتقديره للجمال يتوقف على أن تتهيأ الظروف الصحيحة. فالتحرر في المظهر لا يسمح به إلا في ملابس المنزل، وهو بالطبع لا يليق برحلة قطار. مع أنه رأى آيريس كثيرا، لم يلاحظها عندما كانت واحدة ضمن حشد من جميلات ترتدين ملابس قصيرة، بل لم يلاحظها قط قبل ذلك المساء الذي ارتدت فيه فستان سهرة جذابا.
سألت زوجته فيما كانت تقلب صفحات صحيفة مصورة: «من تلك الفتاة؟»
خفض صوته. «واحدة من تلك العصبة التي كانت تنزل بالفندق.» «تبا.»
في المقصورة المجاورة، رفعت الآنسة فلود-بورتر رأسها من وسادتها الجلدية الناعمة التي لا تسافر دونها. أيقظت حركتها تلك أختها من قيلولتها، فحاولت هي الأخرى أن تنصت.
صفحه نامشخص