تصح منهم عبادة بإقامتهم على كفرهم حتى يؤمنوا. فكذلك هم غير مكلفين فروع الشريعة. والصحيح أن الكافر داخل في الخطاب وفي كل خطاب يشمله مع غيره. وليس في أن لا تصح منه عبادة ولا طاعة بإقامته علىكفره ما يمنع من خطابه. وقد خوطب المصلي بالصلاة وإن كان محدثا ولا تصح الصلاة مع الحدث، ولكن أمر بهما جميعا، بالطهارة وبالصلاة. وقد خاطبهم الله بفنون الطاعات، ونهاهم عن فنون المعاصي وعاقبهم عليها بفنون العقوبات. أفيصح أن يعاقبهم في أمر لم يخاطبوا به؟ فتعالى (الله) (¬1) عما يقولون علوا كبيرا.
... وأما بيان دخول النساء في خطاب الرجال فمن قبل تغليب المذكر على المؤنث، والخطاب للأفضل لغة ومعه المفضول معنى، هذا هو المعروف عند أهل اللغة وإن كان الشرع طارئا على اللغة فللطارئ حكمه. وهي (¬2) أول مسألة وقعت بين المسلمين والمشركين في الحديبية/ سنة ست من الهجرة. وذلك أن رسول الله عليه السلام صالح كفار قريش بالحديبية على هدنة عشر سنين وشرطت قريش شروطا اضطهدت فيها المسلمون منها: أن من ارتد من أصحاب رسول الله عليه السلام إلى الكفر فما لهم عليه سبيل، وأن من آمن من الكفار أن يرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكفار، فامتعض من ذلك المسلمون ولم يقدروا أن يردوا أمر رسول الله عليه السلام. وعقد الصلح سهيل بن عمرو. فلما وجب الصلح وكتب الكتاب هربت امرأة من الكفار مسلمة فامتنع المسلمون من ردها وقالوا: إن الصلح لا يجري على النساء لأنهن لم يجر لهن ذكر في الكتاب. فقال سهيل كم النساء تبع لحكم الرجال وأبى المسلمون من ذلك وقالوا: انا خطابنا وخطاب النساء في كتابنا مفترق، وخطابهن مخالف لخطاب الرجال، وقد انفرد كل بخطابه:
صفحه ۱۰۰