فتبسم الشيخ وتنهد وقال بعد أن هز رأسه (أيضا): والله علمي علمك يا ابني.
فقال حسن محفوظ: يالله كل واحد يروح بيته واللي في علم الله يكون، فقاموا بدون أن يسلموا على بعضهم خلافا للعادة. •••
وبينما كان الجمع في المحادثة المتقدمة، كانت «ست الدار» جالسة بجانب أحمد زايد في الجهة الثانية، وجرت بينهما المحادثة الآتية بدون أن يلتفت إلى غيابهما أحد؛ لانهماكهم في تقرير ما سيجيء به غدهم.
قالت ست الدار: عاوز مني إيه يا أحمد يا زايد؟ بس قول عاوز إيه؟ - أنا عاوز حاجة كبيرة، أنا عاوز أتجوزك على شان أني بحبك جوي! جوي! جوي! - بس إزاي أتجوزك وأنا مكتوبة الكتاب؟ - اسمعي بقه: تقولي لأبوك إنك منتش عاوزة محمد العبد. - إزاي وأنا عاوزاه؟! - تعرفي شغلك. - بس إيه العداوة دي يا أحمد؟
فتبسم الخبيث وقال لها: بقه إحنا في الجد ... وإن ماكنتيشي رايحة تتجوزيني أنا رايح أبلغ اسم أبوك في المديرية وأقول: إنه هو اللي ضرب الإنجليز. - يا دهوتي! منك لله! عاوز توديه في داهية! يا شيخ خاف من ربنا واتقي الله ده كان في الغيط. - أخاف ما اخافشي ده موش شغلك، أنا عاوز أتجوزك وشاوري عقلك. - في عرضك يا زايد ... في طولك يا أحمد ماتخربشي بيتنا ... - أهو إذا كنت عاوزة إنه يتخرب عانديني. - لأ لأ! أتجوزك واعمل معروف ما تبلغش عن اسم أبويه. - اتفقنا. - خلاص. - بس رايحة تقولي إيه؟ - أقول لأبويه إني عاوزة أتجوزك. - بس قولي كده، وأنا علي الباقي. - طيب.
وفي هذه اللحظة انفض اجتماع الأهالي، فقام حسن محفوظ وقال: يا ست الدار ... يا ست الدار ... - عاوز إيه يا أبويه؟ - يالله ندخل.
فهمس أحمد زايد في أذنها: يالله نقرا الفاتحة ...
فقرآ الفاتحة، ثم اتجهت جهة أبيها ودخلت معه، وقصت عليه هناك كل ما دار بينها وبين أحمد زايد من الحديث، فقال لها: أوعي تقولي لي كده وإلا موتك، ده ابن كلب خاين ولا تخافيشي علي، وبكرة أوريه شغله.
ثم أطبق الليل بظلامه على بلدة دنشواي، فجرى النوم في عيون أهلها كما جرى الشقاء عليهم، فناموا بليلة الملسوع.
الفصل الثامن
صفحه نامشخص