عضة كلب: مجموعة قصصية

احمد عبد واحد d. 1450 AH
53

عضة كلب: مجموعة قصصية

عضة كلب: مجموعة قصصية

ژانرها

اهتزت صورة التليفزيون مرات، ثم توقف بث النشرة الإخبارية، وظهرت على الشاشة لوحة تشير إلى إذاعة نبأ عاجل. نهضت واعتدلت واتسعت عيناي. مهرولا دخل حسن إلى غرفتي يخبرني مندهشا بأن بث المباراة قد توقف، وما إن رأى ما كتب على الشاشة حتى صاح يستدعي أخاه وزوج أخته.

صمت الثلاثة وظلوا يحملقون في الشاشة. أبديت ملاحظة يبدو أنهم كانوا غير ملتفتين إليها: الإرسال لم يتوقف في مصر وحدها، فأنا أشاهد قناة غير مصرية.

وما هي إلا لحظات حتى تسرب الخبر إلى كل من في المنزل، فاجتمعوا يتكومون في الحجرة حولي ويلتزمون الصمت، حتى الأطفال الصغار انتابهم القلق لرؤية آبائهم وأمهاتهم على هذا الحال، فصمت بعضهم، وبكى غيرهم فأجبروا على الصمت. عقب علي: الأطفال مذعورون فلا تزيدوهم رعبا. كل ما في الأمر أن مسئولا كبيرا قد وافته المنية، رحمه الله. كتب علينا أن نتحملهم أحياء وأمواتا!

عقب مصطفى: خبر كهذا لن تذيعه كل القنوات المصرية وغير المصرية.

ظللت لدقائق أقلب القنوات، قلت: مصطفى محق، لننتظر حتى يخبرونا بحقيقة الأمر.

نهض حسن ودخل الشرفة يستطلع الأمر في الشارع، وعاد من فوره وظل يحملق في وجهي، قال: لا أحد في الشارع على الإطلاق.

لم يمض وقت طويل حتى ظهر على الشاشة أحد المذيعين معلنا أن بيانا هاما جدا سوف يذاع بعد دقائق، قال هذه الكلمات وكأنه يؤبن عزيزا لقي مصرعه في حادث مأساوي، سرت همهمات بين الحضور ربما تستهجن التأخير، ثم وجم الجميع وتعلقت كل العيون بشاشة التليفزيون.

دق جرس الباب، لم يبرح أحد مجلسه، فنهضت الأم تستقبل القادمين، كانت سمية وزوجها وابنتهما. لاحظت سمية أن استقبال أمها لها كان فاترا، دخلت وجالت بعينيها في أرجاء الصالة والصالون فلم تشاهد أحدا ممن توقعت وجودهم، تساءل زوجها: لا صوت ولا حركة، أين عمي؟ ألم يحضر أحد؟

اكتفت الأم بأن دعتهم إلى حجرتي، وعندما دخلوا انفرجت أساريرهم وألقوا السلام على الحضور، فجاء الرد مقتضبا جافا غير مرحب، أبدت سمية تعجبها من اجتماع شمل الجميع بحجرة والدها، فلم يعلق أحد. حاول زوجها حث الآخرين على الحديث: هل انتهى الشوط الأول؟

فأشرت إلى شاشة التليفزيون. كان المذيع قد عاود الظهور.

صفحه نامشخص