عد تنازلي: تاریخ رحلات الفضاء
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
ژانرها
يتذكر أجنو تلك الأحداث قائلا: «كنا نشعر دائما في لوس ألاموس أن مشكلتنا الرئيسية كانت مع ليفرمور، وليس الاتحاد السوفييتي. بدأ مختبر ليفرمور نشاطه متأخرا، وكان عليه اللحاق بنا. ولم تسفر مساعيهم المبكرة عن نجاحات كبرى.» وفي التنافس على مشروعات الصواريخ، «اكتسحناهم اكتساحا؛ فالرءوس الحربية في جميع الصواريخ - «ثور» و«جوبيتر» و«أطلس» و«تايتان» - كانت نتاج الجهود في مختبر لوس ألاموس؛ ولا أعتقد أن هارولد غفر لنا ذلك على الإطلاق.»
9
اعتمدت المشروعات الأربعة جميعها على نفس المحركات، وهو ما تطلب إجراء عمليات تطوير واختبار شاملة، وتضمن هذا الأمر ما هو أكثر من البرهنة على سلامة التصميم الأساسي؛ إذ كانت ثمة تعديلات تستدعي إجراء اختبارت إضافية، خاصة بعد تفاوض الجنرال مداريس مع شركة نورث أمريكان حول العقود التي كانت تشترط زيادة قوة الدفع من 135 ألف رطل إلى 150 ألف رطل. وكانت المضخات التوربينية تمثل مشكلة في حد ذاتها، إلا أن عملية إصلاح سريعة كانت تكفي لمتابعة تشغيلها. يتذكر بيل إزل، وهو أحد المديرين في مختبر سانتا سوزانا الميداني، ذلك قائلا: «كنا نفقد ريشة في أحد جوانب التوربين، فندسها في موضعها ونزيل ريشة أخرى من الجانب الآخر.» ومع استعادة التوازن على هذا النحو، كان التوربين يعود إلى العمل مجددا.
بالإضافة إلى ذلك، كان كل محرك مستخدم في هذه البرامج بحاجة إلى اختبار تأهيل، مثل السيارات التي تخرج توا من خطوط الإنتاج وتمر باختبارت قيادة أولية. وفصلت شركة «نورث أمريكان» أنشطتها في مجال الصواريخ في قسم جديد أطلقت عليه اسم «روكيت داين»، وسرعان ما عين المزيد من العاملين في المشروع، وكان من الضروري أن يشاهد كل موظف جديد عملية إشعال محرك ميدانية واحدة على الأقل في «التل»؛ أي في مختبر سانتا سوزانا. ولكن، لم يكن في المركز منصات إطلاق كافية؛ لذا صرحت القوات الجوية باستخدام العديد من المنصات في قاعدة «إدواردز» التابعة للقوات الجوية، وهي المنصات التي كانت قد استخدمت في اختبار صاروخ «بومارك»، وهو صاروخ بعيد المدى مضاد للطائرات. وأصبحت هذه المنصات جاهزة للاستخدام بعد إجراء عدد من التعديلات السريعة عليها.
كانت منطقة الاختبارات تقع في صحراء موهافي، التي كانت تشتهر بالثعابين، وكتب المؤلف جوليان هارت عن ذلك يقول: «بعد حلول الظلام، لم يكن أحد يترجل خارج شاحنات النقل في مناطق الانتظار المرصوفة بالأسفلت، أو يحافظ على توازنه من خلال الإمساك جيدا بالدرابزين الحديدي بطول ممرات السير، دون أن يستخدم الكشافات اليدوية لاستكشاف المكان بعناية؛ إذ كانت الكشافات تحتجز الحرارة وتطلقها على نحو يجذب أفاعي الرمال القاتلة التي تسعى إلى تدفئة نفسها من برودة الرياح ليلا.»
10
ويضاف إلى ذلك أيضا الحيوانات البرية الموجودة في سانتا سوزانا، مثل الأفاعي الجرسية، والغزلان، والراكون والأسود الجبلية التي تجدها بين الحين والآخر. وكانت قوارض الجوفر تمثل مشكلة أيضا حتى اكتشف أحدهم طريقة للتخلص منها عن طريق صب أول أكسيد الهيدروجين النقي في جحورها.
يتذكر بول كاستنهولتس، الذي كان يعمل في هذا الموقع، تلك الأوقات قائلا: «كنا مهندسين في الموقع، وكانت درجات الحرارة تصل إلى 105 أو 110 درجات خلال فصل الصيف، وكان لدينا نوع من أجهزة التبريد التبخيري؛ حيث كانت المياه تتدفق عبر هياكل خشبية عن طريق مروحة، لكن لم تكن لدينا أجهزة تكييف على الإطلاق. وأعتقد أن الطقس لم يكن يمثل فارقا كبيرا لنا. كان الطقس مقبولا، ولم يكن أحد يرتدي رابطة عنق. كان العمل مشوقا جدا، وكنا نستمتع به كثيرا. كنا نشعر أننا مجموعة من الصفوة.»
11
أضاف إزل قائلا: «كان إيقاع العمل سريعا للغاية.» وكان رئيسه، روي هيلي، قد ترأس جمعية الصواريخ الأمريكية مرتين، ومثلما يتذكر إزل: «لم يكن لدي إلا عامان من الخبرة، وكنت رجل هيلي الأول. كنا نعمل ستة أيام في الأسبوع، وفي حال وجود مشكلات كنا نعمل سبعة أيام. وكان لدينا ثماني منصات لاختبار المحركات، في قاعدتي إدواردز وسانتا سوزانا. وكنا نعمل في نوبتين؛ كنت أعمل طوال اليوم، ثم أتوجه ليلا إلى الموقع، لمساعدة الشباب في تعلم طريقة تشغيل منصة اختبارات. وفي الليالي الأخرى، كنت أمكث أنا أو روي هيلي في المنزل؛ حتى إذا صادف أحد مشكلة ما يستطيع الاتصال بنا هاتفيا.» وكانت الإخفاقات أمرا معتادا؛ يقول إزل: «ذات يوم، تسببت في انفجار أحد محركات الصاروخ ردستون، وفي اليوم التالي حصلت على ترقية.»
صفحه نامشخص