عد تنازلي: تاریخ رحلات الفضاء

محمد سعد طنطاوي d. 1450 AH
174

عد تنازلي: تاریخ رحلات الفضاء

عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء

ژانرها

استطرد ميشن قائلا: «استثمر الأمريكيون 25 مليار دولار أمريكي في البرنامج، وصعدوا إلى القمر، لكن ما استثمرناه كان أقل عشر مرات تقريبا.»

8

أضاف اختصاصي آخر: «أنفق الأمريكيون 15 مليار دولار أمريكي على إنشاء قاعدة تجريبية، بينما لم ننفق نحن سوى مليار دولار أمريكي تقريبا.» فشل الروس في بلوغ القمر لأنهم حاولوا الصعود إلى هناك بتكلفة زهيدة؛ وهذا، بدوره، عكس بدقة ميزات المجتمعين المتنافسين، اللذين أخضعهما التنافس في مجال الفضاء بينهما إلى اختباره الخاص.

كان الرئيس كينيدي قد أدرك الأمر جيدا في عام 1961: ما بقيت هذه المنافسة عند مستوى الصواريخ والأجهزة الأخرى التي كانت متوافرة في ذلك الوقت، ففي مقدور موسكو الفوز. استطاع الصاروخ «تايتان 2» مضاهاة الصاروخ «آر-7» لكوروليف، وكان من المتوقع أن يتفوق «جيميني» في أدائه على «فوسخود»، لكن ليس بفارق كبير. بالمثل، ربما صارت المنافسة بين «بروتون» و«ساتورن 1-بي»، التي كانت عملية الدوران حول القمر هي الجائزة فيها، منافسة احترافية حامية الوطيس حقا. لكن، عند مستوى «ساتورن 5» و«أبولو» و«إن-1»، اختبرت المنافسة حقا قدرات القوتين العظميين في جمع المبالغ المالية الطائلة اللازمة لتنفيذ مشروع مهم. قارنت مجلة «نيوزويك»، في وقت مبكر من عام 1961، سباق الفضاء باحتفال بوتلاتش لقبيلة كاواكيوتل في شمال غرب المحيط الهادئ، الذين يتنافسون على الإلقاء بأعلى الأشياء قيمة في النيران. كان احتفال بوتلاتش القمري هذا ما تريده البلاد، وما حصلت عليه.

بالإضافة إلى ذلك، بينما كان الاتحاد السوفييتي يركز على رحلات محطات «ساليوت» الفضائية التابعة له، كانت الولايات المتحدة متأهبة للريادة في هذا المجال أيضا. كانت «سكايلاب»، التي كانت أثقل من «ساليوت» بمقدار أربع مرات، تتضمن كل وسائل الراحة فعلا، من خلال حيزها الرحب الذي كان يبلغ في اتساعه اتساع منزل مكون من ثلاث غرف، كما أن طولها البالغ 118 قدما، فضلا عن مركبة «أبولو» المتصلة بها، قد جعلها أكثر طولا من «تايتان 2»، وهو ما جعلها نموذجا مبكرا لمركبة مدارية أكبر كثيرا من مركبة إطلاق متوسطة الحجم. كان أفراد طواقمها يستمتعون بالنوم في أكياس نوم في مقصورات خاصة، فضلا عن غرفة طعام بها مائدة، ودش للاستخدام مرة واحدة أسبوعيا، ومرحاض معدوم الجاذبية يعتمد على الشفط الهوائي. كان في مقدور رواد الفضاء الحلاقة، وكان طعامهم يشمل الكركند وشرائح اللحم المخلية، وبودينج محلى بحلوى الزبد والسكر الأسمر. فكرت ناسا في إضافة نبيذ إلى قائمة الطعام، لكنها قررت ألا تفعل خشية اعتراض الاتحاد المسيحي النسائي للاعتدال في معاقرة الخمر أو الامتناع التام عنها.

حلقت المحطة الفضائية في مدار فضائي في مايو 1973، وسط متاعب جمة. في طريقها إلى أعلى، تمزق درع حراري منفصلا عن المركبة؛ مما أدى إلى سحب لوح شمسي رئيسي معه وعرقلة لوح شمسي آخر بما يحول دون فتحه. عرض الدرع الحراري المفقود «سكايلاب» لخطر الحرارة المفرطة؛ ومن ثم إفساد الطعام المخزن والإمدادات الطبية، وإتلاف الأفلام الفوتوغرافية، وتحلل مادة البولي يوريثان العازلة، وإطلاق غازات مميتة. بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من أن حامل منظار أبولو كان يحمل مجموعة منفصلة من الألواح الشمسية، كان فقدان ألواح «سكايلاب» من شأنه أن يتسبب في خفض مصدر الطاقة بمقدار النصف.

كان الأمر تكرارا لرحلة «أبولو 13» مجددا؛ حيث حاول المهندسون في القاعدة الأرضية جاهدين التوصل إلى إصلاحات سريعة يمكن من خلالها إنقاذ هذا البرنامج الذي بلغت تكلفته 2,5 مليار دولار أمريكي. كان توفير مظلة شمسية يمثل ضرورة قصوى وملحة. اتخذت المظلة شكل مستطيل كبير من البلاستيك الرقيق قابل للنشر، وهو ما يشبه مظلة يدوية. عند طيها، كان رائد الفضاء يستطيع إخراجها عبر فتحة الخروج على جانب «سكايلاب» وفتحها وإلصاقها بالحائط الخارجي. وعندما بدأت بطاريات التخزين على متن المركبة في النفاد، ازدادت مشكلة توفير مصدر طاقة حدة. سار رائدا الفضاء بيت كونراد وجوزيف كروين أربع ساعات في الفضاء، وكانت هذه هي أطول فترة حتى ذلك الحين، وحرروا اللوح الشمسي المعلق.

استقر الطاقم بعد ذلك على البقاء لمدة 28 يوما، وهي الفترة التي أجروا خلالها فحوصات طبية. كان كروين طبيبا، بينما كان رائد الفضاء الثالث بين أفراد الطاقم، وهو بول وايتز، يستطيع إجراء جراحة صغيرة أو اقتلاع سن. كانت الأنشطة الأخرى تتمحور حول علم الفلك الشمسي، والأرصاد الأرضية، والتجارب التي كانت تدرس سلوك المعادن السائلة في حالة انعدام الجاذبية. لاحقا في عام 1973، مكثت مجموعة ثانية من الزائرين تسعة وخمسين يوما، وسارت هذه البعثة على نحو جيد تماما، حتى إنه على الرغم من ترشيح طاقم ثالث للبقاء لفترة مماثلة، مد مديرو ناسا فترة البقاء إلى أربعة وثمانين يوما. كانت الرحلتان الأخيرتان تقلان اختصاصيين في علم الفلك الشمسي، وهما أوين جاريوت ثم إد جيبسون، وقدم كلاهما أرصادا مفصلة بالانبعاثات الفجائية للطاقة المعروفة باسم الانفجارات الشمسية، التي تابع جيبسون أحدها منذ لحظة تولده.

كان للحياة في حالة انعدام الوزن غرائبها؛ كان مذاق الطعام غير حريف، ودأب أفراد الطاقم على غمس الطعام المقدم إليهم في تتبيلات البصل والملح. شكلت فقاعات الهواء في الطعام والماء مشكلة أخرى، أشار إليها بيل بوج - رائد فضاء في البعثة الثالثة قائلا: «كنا نعاني من كثرة خروج غازات من البطن. أعتقد أن خروج غازات من البطن بمعدل خمسمائة مرة يوميا ليس بالأمر الجيد الذي يمكن التكيف معه؛ كان الشيء الوحيد الذي يعوض ذلك أن الجميع كانوا يطلقون الكمية نفسها.» لكن الجميع صاروا يتمتعون بقوام جيد؛ وهو ما كان يشير إلى عدم وجود أي قيود على طول الفترة التي يمكن أن يحياها المرء في حالة انعدام الوزن. من خلال ممارسة التمرينات بدأب، ظل جميع رواد الفضاء يتمتعون بصحة طيبة.

ثم كانت هناك الأرصاد الأرضية، التي تضمنت صورا للأرض التقطت عند عدد من الأطوال الموجية، بما في ذلك الأشعة تحت الحمراء الحساسة للحرارة. أظهرت الصور المأخوذة بالأشعة تحت الحمراء المصادر المحتملة للطاقة الحرارية الأرضية في غرب الولايات المتحدة، فضلا عن الينابيع المتفجرة للماء البارد في منطقة الكاريبي التي قد تؤثر على تكون العواصف وتطورها. استعان أحد العلماء في منطقة متأثرة بالجفاف في أفريقيا بصور «سكايلاب» للبحث عن مياه، بينما عثر جيولوجيون على أماكن محتملة لاحتياطي النفط والنحاس.

صفحه نامشخص