عد تنازلي: تاریخ رحلات الفضاء
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
ژانرها
بعد ثلاثة أسابيع من إطلاق «سبوتنيك»، تلقى آيك تقريرا يطالب بإطلاق قمر استطلاع مؤقت يجري تجهيزه بسرعة، وطلب آيك من مدير وكالة الاستخبارات المركزية آلان دلاس ووزير الدفاع ماكلروي أن يخبراه بالمزيد؛ وبالفعل، تحقق المزيد في شهر نوفمبر على أيدي اثنين من محللي مؤسسة راند، هما مرتون دافيز وأمروم كاتز؛ حيث أجريا دراسة بعنوان «جيل من الأقمار الصناعية القابلة للاسترجاع». وخلصت دراستهما إلى إمكانية استخدام الصاروخ «ثور» كصاروخ تعزيز لهذه المركبة الفضائية، وكان «ثور» قد نجح بالفعل في التحليق كصاروخ.
في يناير 1958، فتح مجلس الأمن القومي المجال لاتخاذ إجراءات عملية من خلال منح الأولوية القصوى لتطوير نظام فاعل؛ وبعدها بأسبوعين اتخذ آيك قرارين؛ أنشأ وكالة المشروعات البحثية المتقدمة، وطلب من وكالة الاستخبارات المركزية بناء قمر صناعي قابل للاسترجاع، تاركا جهود تطوير قمر صناعي غير قابل للاسترجاع إلى القوات الجوية. وطور أحد المسئولين في وكالة الاستخبارات المركزية قمرا سماه «كورونا»، على غرار اسم الآلة الكاتبة طراز «سميث-كورونا» الموجودة على مكتبه، وأطلق على المركبة الفضائية التي كانت ستحمله اسم «ديسكفرر». ومنذ البداية، شارك القمر «كورونا» القمر «يو-2» في مستوى السرية الاستثنائي.
بناء على ذلك، أصدرت وكالة المشروعات البحثية المتقدمة في أواخر شهر فبراير قرارا رسميا بإلغاء ذلك الجزء في القمر «دبليو إس-117إل» المماثل لمركبة «ديسكفرر»؛ وتضمن هذا القرار مجموعة من إلغاءات العقود القانونية، وإخطارات رسمية أخرى كانت تصدر عادة عندما كان البنتاجون يتخلى عن أحد مشروعاته. أثار هذا القرار استياء الشركات المتعاقدة ومسئولي القوات الجوية على حد سواء؛ إذ صدموا من تخلي وكالة المشروعات البحثية المتقدمة، التي تعد أحدث الوكالات وأقلها خبرة، عن نظام الاستطلاع الذي أظهر أفضل احتمالات النجاح. ولكن، جاء هذا الاستياء الشديد لصالح أهداف ريتشارد بسل.
بدأ بسل العمل في مشروع «كورونا» في هدوء واستعد لإطلاقه على غرار ما فعل مع القمر «يو-2». ورتب بسل للحصول على تصريحات أمنية تسمح بانضمام عدد من الأفراد الذين اختارهم بعناية - سواء أكانوا في القوات الجوية أم من بين العاملين في الشركات المتعاقدة - إلى المشروع، واتخذ خطوة سرية لتفعيل العمل في مشروع «ديسكفرر» في إطار «كورونا».
كان من المفترض أن تطلق القوات الجوية هذه الأقمار الفضائية، بيد أن موقع كيب كانافيرال لم يكن مناسبا. كان من المقرر أن يحلق القمر «ديسكفرر» في مدار قطبي، وكان سيجري إطلاقه قريبا شمالا أو جنوبا. وفي موقع كيب، كان الأمر يتطلب حمل القمر فوق مناطق آهلة للسكان لإطلاقه في أي من الاتجاهين، وهو ما لم يكن مأمونا. وكان البنتاجون يبني قاعدة فاندنبرج التابعة للقوات الجوية، وهو مركز جديد على ساحل ولاية كاليفورنيا، على مسافة 150 ميلا شمال غرب لوس أنجلوس؛ وكان الموقع يوفر مجال إطلاق خاليا نحو الجنوب. وكان من المقرر أيضا أن يدعم عمليات الإطلاق العسكرية للصاروخين «أطلس» و«ثور»، وهو ما كان يعني إمكانية إطلاق «ديسكفرر» من هذه القاعدة الجديدة. كانت القاعدة الجديدة توفر عنصر الأمان أيضا، وهو ما لم يكن متوافرا في موقع كيب. كان الموقع لا يسمح للسائحين بالاقتراب على نحو ما من أي منشأة عسكرية، على الرغم من أن خط السكك الحديدية «ساوثرن باسيفك» كان يمر عبر فاندنبرج، وكان يسمح للسائحين بإلقاء نظرة عبر نوافذ القطارات على الموقع. بيد أن بسل استطاع وضع الجدول الزمني لعمليات الإطلاق بالرجوع إلى الجداول الزمنية لخط السكة الحديد، وانتظر حتى توارت تلك القطارات عن الأنظار.
كان من المقرر أن تشارك أيضا في بناء «ديسكفرر» شركة «لوكهيد»، التي بنت القمر «يو-2» والشركة المتعاقدة على بناء القمر «دبليو إس-117إل»، وذلك من خلال وضعه على صاروخ المرحلة الثانية «أجينا». وعمل بسل بالتنسيق الوثيق مع نظير له في القوات الجوية، وهو الأميرالاي أوزموند ريتلاند، وأعطى المشروع الجديد دفعة قوية. وقال بسل لاحقا متذكرا هذه الأحداث: «بدأ البرنامج في إطار غير رسمي على نحو مدهش. قسمت أنا وريتلاند العمل بين المؤسستين أثناء التنفيذ، وكانت القرارات تتخذ على نحو مشترك. وكان عدد المشاركين في المشروع قليلا للغاية، وعلاقاتهم غاية في القرب حتى إن القرارات كانت تتخذ بسرعة ودقة. ولم نكن مضطرين إلى اتخاذ حلول وسط أو إلى تأخير تنفيذ المهام إلى ما لا نهاية في انتظار الحصول على الموافقات.»
15
قدمت شركة «لوكهيد»، التي كانت تشتهر بسرعة التنفيذ، تصميما كاملا في أواخر شهر يوليو، ووصل أول صاروخ «ثور-أجينا» مصحوبا بمركبة «ديسكفرر» الخاصة به إلى منصة الإطلاق في أوائل عام 1959، وضم الطاقم الأرضي مجموعة مخضرمة عملت ضمن فريق عمل الصاروخ «في-2» أطلقوا على أنفسهم «بروملايترز»؛ حيث كان أحدهم يشغل محرك الصاروخ «في-2» - عندما لا يستطيع الانطلاق كما يجب - باستخدام مكنسة مغمورة في الكيروسين. ولم يكن الصاروخ «ثور» الذي كان يحمل المركبة «ديسكفرر 1» يحتاج إلى كل هذه الأعمال البطولية؛ حيث حلق بسرعة إلى الفضاء في نهاية شهر فبراير. ولكن، لم يستطع الصاروخ «أجينا» بلوغ المدار، وكتب أحد محللي وكالة الاستخبارات المركزية قائلا: إن «معظم الناس كانوا يعتقدون أن الصاروخ هبط في مكان ما قرب القطب الجنوبي.»
شهد منتصف شهر أبريل إطلاق «ديسكفرر 2»، الذي بلغ المدار بنجاح ودار حول الأرض لمدة يوم، وكان من المفترض أن يسقط الصاروخ قرب هاواي، ونقل أحد العاملين في محطة التحكم الأرضية أمرا يجعل كبسولة القمر تعاود الولوج إلى المجال الجوي في وقت محدد؛ ولسوء الحظ، نسي أن يضغط زرا معينا. وعلم المسئول عن استرجاع القمر، العقيد تشارلز موس ماثيسون، أن المركبة سقطت قرب جزيرة شبيتسبرجن النرويجية.
هاتف ماثيسون صديقا في القوات الجوية النرويجية، وهو اللواء تافتي جونسون، وطلب منه رصد مركبة فضائية صغيرة ستهبط على الأرجح بواسطة مظلة، وهاتف جونسون أحد المسئولين التنفيذيين في إحدى شركات التعدين في الجزيرة، وأمره بإرسال دوريات تزلج، وسرعان ما عادت دورية مؤلفة من ثلاثة رجال حاملة معها الأخبار. وكانوا قد رأوا المظلة البرتقالية مع انجراف الكبسولة قرب قرية بارنتسبرج. ولم يكن هذا أمرا طيبا؛ إذ كان سكان القرية من الروسيين المقيمين في البلاد.
صفحه نامشخص