بعث رجلا من المسلمين إلى ناس من الكافرين ليدعوهم إلى الله،
4
فدعاهم إلى غيره، هل كان على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
من ذلك شيء؟»
قال: «لا.»
قال: «ويحك ... فما كان علي أن ضل أبو موسى؟ أفيحل لكم بضلالة أبي موسى أن تضعوا سيوفكم على عواتقكم فتعترضوا بها الناس؟»
فعلم الخوارج أن صاحبهم ليس بند لعلي في مجال نقاش، فكفوه عن الكلام كأنهم آمنوا بصدق علي في حجته وقصده، لولا أنهم قوم قهرتهم لجاجة العناد كما تقهر أمثالهم من المتهوسين، الذين يجدون في المضي مع العناد لذة يستمرئونها من الحق والمعرفة ... فمردوا على الشقاق، وأصروا على تكفير علي وأصحابه، وأن يعاملوهم في الحرب والسلم معاملة الكفار ... •••
واستبقى علي بعد هذا كله بقية للسلم والمراجعة ... فرفع في الساحة راية ضم إليها ألفي رجل ونادى: «من التجأ إلى هذه الراية فهو آمن.»
ثم قال لأصحابه: «لا تبدءوهم بالقتال حتى يبدءوكم.» فصاح الخوارج صيحتهم: «لا حكم إلا لله وإن كره المشركون.» وهجموا هجمة رجل واحد ... وتلقاهم علي وأصحابه لقاء من نفد صبره ووغر صدره، فما هي إلا ساعة حتى قتل معظم الخوارج، وبقي منهم نحو أربعمائة أصيبوا بجراح وعجزوا عن القتال، فأمر بهم علي فحملوا إلى عشائرهم لينظروا من فيه رمق فيدركوه بعلاج.
صفحه نامشخص