5
وطردتهما، فقال عبد الرحمن: إن لم تفعل أخبرت أبي إذا قدمت عليه. فحضرني رأي، وعلمت أني إن لم أقم عليهما الحد غضب علي عمر في ذلك وعزلني، وخالفه ما صنعت، فنحن على ما نحن عليه، إذ دخل عبد الله بن عمر، فقمت إليه فرحبت به، وأردت أن أجلسه في صدر مجلسي، فأبى علي وقال: أبي نهاني أن أدخل عليك إلا ألا أجد من ذلك بدا. إن أخي لا يحلق على رءوس الناس، فأما الضرب فاصنع ما بدا لك.»
قال عمرو بن العاص: وكانوا يحلقون مع الحد، فأخرجتهما إلى صحن الدار فضربتهما الحد، ودخل ابن عمر بأخيه إلى بيت من الدار، فحلق رأسه ورأس أبي سروعة، فوالله ما كتبت إلى عمر بشيء مما كان، حتى إذا تحينت كتابه إذا هو نظم فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله أمير المؤمنين عمر إلى العاصي ابن العاص
عجبت لك يا بن العاص ولجرأتك علي وخلاف عهدي! فما أراني إلا عازلك فمسيء عزلك؛ تضرب عبد الرحمن في بيتك، وتحلق رأسه في بيتك، وقد عرفت أن هذا يخالفني؟ إنما عبد الرحمن رجل من رعيتك، تصنع به ما تصنع بغيره من المسلمين، ولكن قلت: هو ولد أمير المؤمنين. وقد عرفت ألا هوادة لأحد من الناس عندي في حق يجب لله عليه، فإذا جاءك كتابي هذا، فابعث به في عباءة على قتب
6
حتى يعرف سوء ما صنع.
قال: «فبعثت به كما قال أبوه، وأقرأت ابن عمر كتاب أبيه، وكتبت إلى عمر كتابا أعتذر فيه، وأخبره أني ضربته في صحن داري على الذمي والمسلم، وبعثت بالكتاب مع عبد الله بن عمر.»
قال أسلم: «فقدم عبد الرحمن على أبيه فدخل عليه، وعليه عباءة ولا يستطيع المشي من مركبه. فقال: يا عبد الرحمن فعلت كذا؟ فكلمه عبد الرحمن بن عوف وقال: يا أمير المؤمنين، قد أقيم عليه الحد مرة. فلم يلتفت إلى هذا عمر وزبره، فجعل عبد الرحمن يصيح: أنا مريض وأنت قاتلي. فضربه وحبسه، ثم مرض فمات رحمه الله.»
صفحه نامشخص