قال سعيد: «لا أعني أن تعرضي نفسك للموت. بل أعني إذا اقتضت الحال أن تقتلي أحدا بيدك، هل تفعلين؟»
قالت عابدة: «إذا كان ذلك في استطاعتي فعلته.» قالت ذلك وقد أحست بقشعريرة خفيفة وسكتت.
فتحفز للوقوف وهو يقول: «إني ذاهب الآن إلى الاجتماع.»
فتنهدت عابدة وقالت: «ألا يزال القوم يجتمعون كالعادة؟»
قال سعيد: «نعم، وهم يزدادون عددا وقوة حتى دخل في جمعيتنا هذه كل رؤساء القبائل الناقمة على عبد الرحمن الناصر، وفيهم آل حصفون الذين غلبهم على أمرهم، وجماعات كتامة، وغيرهم من البربر، وإنما نحن ننتهز الفرص.»
قالت عابدة: «وهل يعتقدون حتى الآن أنهم يجتمعون لإصلاح حال بلادهم.»
قال سعيد: «إن المفهوم من أغراض هذه الجمعية عند أعضائها أنها تشكو من تفضيل عبد الرحمن الناصر للخصيان الصقالبة على أبناء العرب أو غيرهم من الأحرار، وتنتقد بذخه وإسرافه، هذا كل ما يفهمونه من الأغراض، وليس في هذه البلاد من يفهم حقيقة الغرض الأصلي إلا أنا وأنت، فاجعليه في طي الكتمان.»
فأطرقت عابدة لحظة، وقد بدا الاهتمام على جبينها، وقالت: «دعني أذهب معك يا سعيد.»
قال سعيد: «ولماذا؟»
قالت عابدة: «أفعل كما تفعلون؛ لعلي أستحث القوم على العمل.»
صفحه نامشخص