فوقف سعيد وقد أحس أنه ينبغي له أن ينصرف، فاستأذن وخرج، فلقيه ياسر في الدهليز، فأخبره بما أمر له به الخليفة من العطاء وقال: «يظهر أنك أصبحت صاحب حظوة عند أمير المؤمنين.»
قال سعيد: «أنا لا أستحق هذه الحظوة، ولكن لكل أجل كتاب.»
فاكتفى ياسر بذلك، ومشى مع سعيد إلى باب غرفته، وتركه خوفا من الرقباء.
الفصل الخامس والأربعون
أين الزهراء؟
أما سعيد فدخل الغرفة، فرأى الخادم قد أعد له الطعام، فتناوله ثم جلس واستغرق في التفكير فيما سيكون عند اجتماعه بالزهراء، وهو يعلم أنه سيجتمع بها وهي وراء الستار، وكلما تصور ذلك الاجتماع خفق قلبه، وقد قضى ذلك اليوم على أحر من الجمر بين الجلوس في الغرفة والتمشي في الحديقة، وقد طال عليه الوقت، فلما غربت الشمس عاد إلى الغرفة ولبث في انتظار الرسول.
ولما دنا وقت العشاء ولم يأت الرسول شغل خاطره، ثم رأى جوهرا قادما فهش له، وهو يتوقع أن يدعوه للذهاب إلى الزهراء، فرآه يمشي نحوه ولا يتكلم فابتدره قائلا: «ما وراءك؟»
قال جوهر: «ليس ورائي شيء.»
قال سعيد: «وكيف ذلك؟ ألم تبعثك الزهراء في طلبي؟»
قال جوهر وهو يهز كتفيه: «كلا، وقد كنت أنتظر أمرها بذلك.»
صفحه نامشخص