كانت الثورة الصينية يومئذ بقيادة الزعيم الوطني «الثوري» صن يات صن، وكان أول زعيم آسيوي أدرك مغزى الثورة الاشتراكية في روسيا بالنسبة لثورة التحرر الوطني الآسيوية، وقرر التحالف معها ضد الاستعمار الغربي الذي كان يستعبد الصين.
وقد كون «صن يات صن» حزب الكومنتانج الوطني، وقرر الشيوعيون الصينيون الذين تألف حزبهم في العشرينيات؛ أن ينضموا إلى ذلك الحزب الوطني كأفراد وأعضاء عاديين، وبغير عضوية مزدوجة؛ أي أن يتخلوا تماما عن عضوية الحزب الشيوعي.
وربما لو عاش «صن يات صن» وقتا أطول، ولم ينتكس تشيانج كاي شيك بقضية الثورة، لاستمر هذا التحالف ولأخذت الصين طريقا آخر نحو نفس الأهداف!
والعلاقة بين الماركسيين وبين الوطنيين تختلف من بلد إلى آخر وفق الواقع والتراث وعلاقات القوى، ولكن تحكمها كلها قوانين ومبادئ ماركسية عامة، تلزم الماركسيين بأن يقفوا وقفة كاملة مع أية ثورة وطنية تقاوم الاستعمار، حتى لو كانت قيادتها وبرامجها «بورجوازية».
وقد قال ستالين في دراسة مشهورة له عام 1920م «إن أمير أفغانستان الإقطاعي الذي يقاوم البريطانيين قوة تقدمية ونؤيدها كماركسيين، والثورة المصرية التي تقودها البورجوازية (ثورة 1919م) ثورة تقدمية نؤيدها كماركسيين، لكن حزب العمال البريطاني الذي يقمع الحركات الوطنية في آسيا وأفريقيا قوة رجعية نقاومها مهما رفعت من لافتات عمالية واشتراكية.»
وقد ينكر الدكتور فؤاد زكريا على عبد الناصر كل فضل أو مزية، ولكن الآسيويين والأفريقيين قبل العرب والمصريين يمجدونه ويكرمونه كأحد أبطال العصر في الحرب ضد الاستعمار.
وكان عليهم أن يتقبلوا قيادته ويسيروا خلفها خلال معاركه، ولم يكن ذلك تبعية أو ذيلية ولكن ماركسية صحيحة!
ولهذا فإن من السذاجة وقصور المعرفة بالثورة وبالماركسية أن يقال إن تصالح الثورة والماركسيين في مصر كان صفقة أو خدعة أملتها ظروف دولية.
ولنسأل أنفسنا، والدكتور زكريا: ما هو الموقف النموذجي الذي كان على الماركسيين أن يأخذوه من زعيم مثل عبد الناصر كانت الغالبية العظمى من الجماهير المصرية والعربية تؤيده كل التأييد، وكان الآسيويون والأفريقيون يرونه بطلا من أبطال التحرير في هذا العصر.
هل يرى الدكتور فؤاد زكريا أنه كان على الماركسيين المصريين أن يعلنوا المقاومة؟
صفحه نامشخص