فقالت العباسة: «ولكن الوزير أمرنا أن ننتظر حتى يأتينا رسوله.»
فقالت عتبة: «سنرى، وسأرسل خصيا يتجسس خبر أرجوان ويعود إلينا سريعا.»
قالت العباسة: «افعلي.» وتحولت عنها إلى الشرفة التي تعودت أن ترى رسول جعفر منها إذا جاءها بخبر، وخرجت عتبة لإرسال الخصي.
الفصل الثامن والخمسون
العباسة والرشيد
وقفت العباسة في الشرفة ساعة، وعيناها تتطلعان إلى الطريق، والظلام يحجب بصرها، وكلما رأت شبحا ظنت أنه رسول جعفر.
ظلت العباسة على هذه الحال حتى مضى نصف الليل والهواجس تتقاذفها، فلما استبطأت عتبة همت أن تبعث في استقدامها، فإذا هي آتية تعدو مهرولة والدمع يتساقط من عينيها، وقد نبش شعرها، وامتقع لونها، وابيضت شفتاها، فصاحت العباسة: «ما بالك يا عتبة؟ ما لي أراك تبكين؟ ماذا حدث؟»
فأسرعت عتبة وأمسكتها بيدها وجرتها إلى حافة الشرفة وهي لا تتمالك عن الارتعاش وقالت: «اذهبي يا سيدتي. انزلي من هذه الشرفة. اطلبي الفرار بنفسك.»
فقالت العباسة: «ماذا جرى؟ هل عاد الجاسوس الذي أرسلته؟ ماذا قال؟»
فقالت عتبة: «عاد ولم تنفعنا عودته. انزلي من هذه الشرفة واختبئي في الشارع، وسأرسل إليك من يصحبك إلى مولاي الوزير. انزلي. انزلي.»
صفحه نامشخص