بطولة الأورطة السودانية المصرية في حرب المكسيك
بطولة الأورطة السودانية المصرية في حرب المكسيك
ژانرها
الألف عسكري الجاري فرزهم بمعرفة حضرة صاحب السعادة جعفر باشا - حكمدار السودان - من بين العساكر السودانية الذين بجهات «دنقلة» و«بربر» والذين سيرسلون إلينا، مطلوب حضورهم في أقرب وقت ممكن لشدة لزومهم. ولمناسبة صدور أمري هذا إليكم أيضا لإجراء المساعدة اللازمة من طرفكم والتشهيلات الممكنة، وعدم تأخير أو توقيف العساكر التي سيرسلها أثناء الطريق، وأن ترسلوهم أولا فأولا دون انتظار بعضهم بعضا، مع سرعة إرسالهم إلى جهة «كورسكو» وإركابهم المراكب من هناك، وإرسالهم حالا إلينا. وللإحاطة حرر أمري هذا وأرسل إليكم.
وفي شهر أكتوبر من هذا العام، أرسل بلوك لعقاب فرقة من الأعداء يربو عددها على ثلاثة أضعافه، كانت قد أخرجت قطارا عن الطريق وذبحت المسافرين به ومن معهم من النساء، فهزمها وولت الأدبار بعد أن منيت بخسائر فادحة. وقد نوه قومندان الأراضي الحارة بأسماء: الملازم الثاني عبد الرحمن موسى، والأونباشي محمد سليمان، والجندي علي سليمان؛ لما أبدوه من الحمية والجرأة. وقد نالوا على أثر ذلك أوسمة عسكرية.
وكان قد تقرر من مدة إنشاء كوكبة راكبة مؤلفة من خمسين فارسا من جنود الأورطة السودانية المصرية؛ لتقوم بالاستكشاف وحراسة السكة الحديدية على الأخص، على أن تعامل معاملة المساعدين المكسيكيين من حيث الراتب، فيستولي أفرادها على مكافأة إضافية من بلدية فيراكروز نظير معاونتهم لشرطة المدينة.
وظهرت بعد زمن يسير أصالة هذه الفكرة والفائدة التي يستطاع جنيها منها. ولما كان السوداني المصري بطبيعته مطواعا وفارسا مقداما، فقد أبدى الذين وقع الاختيار عليهم لأداء هذه الخدمة الجديدة حماسة وجدا متواصلا، وأظهروا كل المؤهلات التي صيرتهم مثالا حسنا للجنود الفرسان، فتألفت منهم كتيبة من خيرة الكتائب.
وفي غضون شهر ديسمبر سنة 1865م، بلغ قائد فيراكروز أن إمبراطورة المكسيك ستمر بها في ذهابها إلى اليقطان (إحدى ولايات المكسيك)؛ فاتخذ الاحتياطات اللازمة لاستتباب النظام وتأدية مراسم التشريفات لدى وصولها إلى الأراضي الحارة.
وفي صبيحة 14 منه، سافر حرس مؤلف من ثلاثين جنديا من الأورطة السودانية المصرية بالقطار المخصوص الذي ركبه الحاكم والأعيان الذين وفدوا لمقابلة جلالتها.
ولما وصلت إلى فيراكروز، أطلق رجال مدفعية الأورطة بقيادة أحد ضباطها واحدا ومائة مدفع إكراما لجلالتها. وتألف من الحامية المؤلفة من جنود الأورطة وجنود آخرين صفان من المحطة إلى القصر، وأقيم قره قول شرف من خمسين جنديا من جنود الأورطة في القصر بقيادة يوزباشي وملازم.
ولما كانت الإمبراطورة قد أزمعت مبارحة فيراكروز في صباح الغد، فقد سافرت قبلها كوكبة الفرسان السودانية المصرية لتستكشف الطريق وتصطف على طول السكة الحديدية. ولم تلبث الإمبراطورة سوى بضعة أيام. ولدى إيابها عمل لها جميع ما عمل من التشريفات والاحتفالات عند مرورها بفيراكروز. ولما رجعت إلى مكسيكو، أعربت للإمبراطور مكسيميليان عن رضاها وارتياحها لهندام الجنود السودانية ومؤهلاتهم العسكرية التي حازت إعجاب جميع رجال البلاط؛ فتكرم الإمبراطور وأعلن عطفه السامي عليهم بمنح كل جندي من جنود الأورطة علاوة يومية على الراتب قدرها
سنتيما (1,15ج تقريبا)، وأنعم على الضباط ببعض الأوسمة المكسيكية.
وقد خاضت الأورطة في غضون عام 1865م غمار ثماني عشرة معركة.
صفحه نامشخص