ويضيف طالب العلم وخادمه، محقّق هذا الكتاب "عمر عبد السلام تدمري" ما يلي:
١ - إنّ نسخة أخرى من الكتاب محفوظة بمكتبة بودليان بأكسفورد، تحت رقم (١٧٢ Hunt)، وهي تحمل عنوان: "كتاب الروض الناضر في أخبار الأوائل والأواخر" كُتِب على غلافها: "تأليف القاضي عماد الدين أبو حامد محمد بن محمد بن حامد الأصفهاني"، وجاء في مقدّمته، بعد البسملة والدعاء: "قال القاضي عماد الدين أبو حامد محمد بن محمد بن حامد الأصفهاني ﵀. . . "، وقال في آخر المقدّمة: ". . إلى أن وصلت إلى سيرة الملك الناصر ناصر الدنيا والدين محمد بن قلاون الألفي الصالحي إلى آخر سنة اثنين (كذا) وسبعماية" (١).
والمعروف أنّ كتاب "الروض الناضر" هو لأبي الوليد محمد بن محمد بن الشِّحنة، المتوفَّى سنة ٨٨٢ هـ / ١٤٧٧ م.
فكيف يُنسَب للعماد الأصفهانيّ؟
وكيف يصل "العماد" بالكتاب إلى سيرة الناصر محمد بن قلاون حتى آخر سنة ٧٠٢ هـ، وهو قد مات سنة ٥٩٧ هـ؟
وفي الواقع إن نسخة "أكسفورد" هي نسخة ملفَّقَة، تضمّ في أوّلها نسخة أخرى من "البستان" حتى نهاية حوادث سنة ٥٩٣ هـ. وبها تكملة بعد ذلك تصل إلى حوادث سنة ٨٠٦ هـ. وليس إلى سنة ٧٠٢ هـ. كما جاء في مقدّمتها. وهذا يكشف زيف نسبة الكتاب إلى العماد الأصفهاني. وسنأتي على مواصفاتها ومضمونها لاحقًا.
٢ - إنّ الكتاب -في النسختين- حافل بالألفاظ السقيمة والركيكة، والأغلاط النحوية واللُّغَوية، وهو ما يتنافى مع أستاذية "العماد" في اللغة والنحو.
٣ - إن مادّة الكتاب مليئة بالأغلاط والأخطاء التاريخية، وخاصّة في تواريخ وَفَيَات الأعلام والمشاهير، بحيث يقدّم تواريخ وَفَيَات بعضهم، ويؤخّر البعض الآخر لعدّة سنوات عن التاريخ الصحيح، وأحيانًا لعشرات السنين، وأحيانًا أخرى لأكثر من قرن. وعلى سبيل المِثال لا الحصر، فقد جاءت وفاة "مجاهد بن جبر المقرئ" في سنة ١٤٥ هـ. والصواب أنه توفي سنة ١٠٣ هـ. وجاءت وفاة "سيبَوَيْه" في سنة ١٦١ هـ. والصحيح المشهور أنه توفي سنة ١٨٠ هـ. ووردت وفاة "عبد الله بن شُبْرُمة القاضي" في سنة ١٦٣ هـ. والصحيح وفاته سنة ١٤٤ هـ، وتَقدّمت وفاة كلٍّ من "الليث بن سعد" و"مالك بن أنس" عشر سنوات تمامًا عن التاريخ الصحيح للوفاة. وذكر وفاة "الإمام
_________
(١) البستان - نسخة اكسفورد، رقم ١٧٢ - ورقة ١ و٥٤.
1 / 7