(قال الفقيه) رحمه الله: اختلف الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. وقالت المهاجرون: منا الأمير. وقال بعضهم: الخلافة لعلي رضي الله تعالى عنه، وقال بعضهم: الخلافة لأبي عبيدة بن الجراح، ثم اتفقت آراؤهم على أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وكانت خلافته سنتين، واسمه عبد الله وكان قبل الإسلام عبد الكعبة لأنه كان في الجاهلية لا يخرج من الكعبة فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله وكان يقال له خليفة رسول الله، ثم مات فولي عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال لهم: كنتم تقولون لأبي بكر خليفة رسول الله، فكيف تقولون لي؟ فقال بعضهم: نقول خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: هذا يطول ويثقل، ثم قال: ألستم أنتم المؤمنون؟ فقالوا: نعم، فقال ألست أنا أميركم؟ قالوا: نعم، قال: قولوا: أمير المؤمنين، فأول من سمي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وكانت خلافته عشر سنين فقتله أبو لؤلؤة الملعون غلام المغيرة بن شعبة. ولي بعده عثمان رضي الله تعالى عنه، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة فقتله أهل الفتنة. ثم ولي بعده علي رضي الله تعالى عنه، وكانت خلافته ست سنين فقتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي ألجم الله تعالى فمه بلجام من نار، ثم ولي بعده معاوية بن أبي سفيان وكانت ولايته عشر سنين، ثم ولي بعده يزيد بن معاوية وكانت ولايته ثلاث سنين، فلما مات وقعت الفتنة فبايع أهل العراق عبد الله بن الزبير وأهل الشام بايعوا مروان بن الحكم وكانت ولايته مقدار تسعة أشهر، ثم ولي عبد الملك بن مروان فبعث عبد الملك الحجاج بن يوسف إلى عبد الله بن الزبير وكان بمكة فحاصره وأخذ وصلبه فصارت الولاية كلها لعبد الملك بن مروان وكانت ولايته عشر سنين، وكانت عامة الفتوح في ولايته إلى فرغانة، ثم ولي الوليد بن عبد الملك، ثم سليمان بن عبد الملك، ثم العبد الصالح عمر بن عبد العزيز بن مروان، ثم هشام بن عبد الملك، ثم يزيد بن الوليد، ثم إبراهيم بن الوليد، ثم مروان بن محمد، فهؤلاء كلهم كانوا من بني أمية من وقت معاوية، وكان مقامهم بالشام. ثم انتقلت الولاية إلى ولد العباس فصار مقامهم بالعراق وهم الذين بنوا بغداد فولي أبو العباس واسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. ثم أخوه أبو جعفر الدوانيقي يقال له المنصور، ثم ابنه محمد بن عبد الله الذي يقال له المهدي، ثم ابنه موسى بن محمد، ثم ابنه الآخر يقال له هرون بن محمد الذي يقال له الرشيد بن محمد، ثم محمد بن هرون فلم يستقر عليه الأمر، ثم عبد الله بن هرون الذي يقال له المأمون.
الباب الرابع عشر بعد المائة: فيما يستحب من الأسماء
(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: روي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((ما بعث الله رسولا إلا كان حسن الوجه حسن الاسم حسن الصوت وكان يكتب إلى الآفاق إذا أبردتم إلي بريدا فأبردوا حسن الوجه حسن الاسم)) وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال: ((كنت أحب الحرب فلما ولد لي الحسن سميته حربا، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال: بل هو الحسن، فلما ولد لي الحسين سميته حربا، فدخل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال: بل هو الحسين، ((ثم قال صلى الله عليه وسلم : سميتهما باسم ابني هرون شبر وشبير)) وعن سعيد بن المسيب ((أن جده حزن بن بشير دخل على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: ما اسمك؟ فقال له: حزن بن بشير، قال بل أنت سهل، قال لا أغير اسمي عما سمانيه أبواي، قال سعيد بن المسيب لم تزل تلك الحزونة فينا إلى هذا اليوم)) وروي عن المهلب بن أبي صفرة عن أبيه ((أنه دخل على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فسأله عن اسمه ونسبه فقال: أنا سارق بن قاطع بن ظالم بن فلان بن فلان حتى انتهى إلى جلند الملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا، فقال المهلب: وكان على أبي إزار قد صبغه بالزعفران، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دع السارق والقاطع فأنت أبو صفرة، فقال يا رسول الله لم يكن أحد أبغض إلي منك والآن ليس أحد أحب إلي منك وإنه قد ولدت لي أمس بنت وقد سميتها صفرة حتى تكون كنيتي موافقة لاسمها)) وكانت العرب إذا ولد لأحدهم الولد كان يكنى به وامرأته أيضا فيقال للزوج أبو فلان وللزوجة أم فلان كما قيل أبو سلمة وأم سلمة وأبو الدرداء وامرأته أم الدرداء وأبو ذر وامرأته أم ذر، وكان الرجل لا يكنى ما لم يولد له ولد. وروي عن معمر بن خثيم قال لي أبو جعفر بن محمد بن علي ما تكنى يا معمر؟ قلت: ما كنيت ولا ولد لي قال: وما يمنعك أن تكنى؟ فقلت: حديث بلغني عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: من اكتنى ولم يولد له ولد فهو أبو جعدة قال ليس هذا من حديث علي إنا لنكني أولادنا في صغرهم مخافة النبز أن يلحق بهم. وروي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ولا تسموا بأهلي)) ويقال هذا منسوخ لأن عليا رضي الله تعالى عنه سمى ابنه محمدا وهو ابن الحنفية وكناه بأبي القاسم، وقد استأذن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك فأذن له. وروي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((سموا أبناءكم بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن)).
صفحه ۳۹۲