التفكّه. فإذا لم يعطهم ذلك على سبيل التفكّه فإعطاؤه إياهم على سبيل التعنّت أبعد [١] . ولا يجب ذلك إلّا لمن يسمع بآية ولم ير علامة.
فأما المغموس فيها ومن قد غمرته البرهانات فليس من الحكمة تمكين السّفهاء من مسألة ذلك. وإنّما ينزّل الله الأعلام على قدر المصلحة لا على أقدار الشّوة، وعلى إلزام الحجة لا على الطلب والمسألة.
ومتى كان الطالب [٢] لذلك معاندا وجاسيا [٣] لم يكن إلّا بين أمرين: إن حلي بها [٤] لعنته وأجابه [٥] إلى مسألته قال: هذا سحر. وإن منعها قال: لو كان صادقا لاتى بها. وآيات الله وبرهانه أجلّ خطرا من أن توضع في هذا المكان، إلا أن يريد الله ببعض ذلك تعذيبهم واستئصال شأفتهم، وأن ينكّل بهم سواهم [٦] .
قالوا: والبرص أصله من البلغم، وإذا رأيت الرجل القضيف اليابس أبرص الجلد فاعلم أن المرّة هى التي اعتصرت بدنه حتّى قذفت بالبلغم ومجّته [٧] في ظاهر جسده، فلمّا لم يقو ذلك المكان على إنفاذه وهضمه تحيّر هناك فأفسد ما هناك.
وربّما كان من حرق النار، وربّما كان من الكيّ: إما من كيّ البلاء
_________
[١] أي تعنتهم. والمراد استجابة لعنتهم. والمراد بالتفكه تفكههم أيضا. وفي الأصل:
«التعبث» تحريف. وانظر ما سيأتي.
[٢] في الأصل: «الطلب» .
[٣] جسا الرجل جسوا وجسوّا: صلب. وفي الأصل: «حاسبا» .
[٤] حلي بها: ظفر بها. وفي الأصل: «حلوها» ولعل وجهه ما أثبت.
[٥] في الأصل: «وأجابته» .
[٦] أي عاقبهم عقوبة تخيف غيرهم وتذلّهم.
[٧] في الأصل: «ومحنة» بالحاء المهملة.
1 / 71