وأتمّ الفرسان في الحرب آلة من عرف المفرّ كما يعرف المكّر.
يقول: فلست كمن يستفرغه وهل الجبان، ولا كالذي يعجل فيلجم ذنب فرسه ويركبه مشكولا [١]، ويركله برجله وهو مقيّد، وينزل عن ظهره، ويظنّ أنّ سعيه على رجليه أبلغ من ركض فرسه في النّجا [٢] . قال زيد الخيل:
أقاتل حتّى لا أرى لي مقاتلا ... وأنجو إذا لم ينج إلا المكيّس
ولست بذي كهرورة غير أنّني ... إذا طلعت أولى المغيرة أعبس [٣]
وقال الحارث بن هشام:
الله يعلم ما تركت قتالهم ... حتّى رموا فرسي بأشقر مزبد [٤]
فصددت عنهم والأحبّة فيهم ... طمعا لهم بعقاب يوم مفسد [٥]
وعلمت أنّي إن أقاتل واحدا ... أقتل ولا يضرر عدوّي مشهدي
يقول: ليس من الصواب أن أقف موقفا أقاتل فيه باطلا. وقال عمرو بن معد يكرب:
_________
[١] شكل الفرس بالشّكال: شدّ قوائمه بحبل.
[٢] النجا، بالقصر وبالمد: السرعة.
[٣] الكهرورة، بالضم: الانتهار لمن خاطبه وتعبيس الوجه له. وفي الأصل: «أعيس» بالياء المثناة، صوابه بالباء كما في اللسان (كهر) ونوادر أبي زيد ٧٩.
[٤] قال هذا الشعر يعتذر من فراره يوم بدر. السيرة ٥٢٣ جوتنجن، وعيون الأخبار ١: ١٦٩، والأغاني ٤: ١٧، والعقد ١: ١٤٠/٥: ٣٣٦. والأشقر المزبد: يعنى به الدم الذي قد علاه الزّبد. وكان حسان قد عيّره بفروه إذ يقول:
إن كنت كاذبة الذي حدثتني ... فنجوت منجى الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل فيهم ... ونجا برأس طمرّة ولجام
ديوانه ٣٦٣، والسيرة ٥٢٢، وعيون الأخبار ١: ١٦٩، والعقد ١: ١٤٤.
[٥] الأحبة، يعنى بهم من قتل أو أسر من رهطه وإخوته.
1 / 39