[كتاب البرصان]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وسلّم وهب الله لك حبّ الاستماع، وأشعر قلبك حسن التبيّن، وجعل أحسن الأمور فى عينك، وأحلاها في صدرك، وأبقاها أثرا عليك في دينك ودنياك، علما تقيّده [١]، وضالّا ترشده، وبابا من الخير تفتحه؛ وأعاذك من التكلّف، وعصمك من التلوّن، وبغّض إليك اللّجاج، وكرّه إليك الاستبداد [٢]، ونزّهك عن الفضول، وعرّفك سوء عاقبة المراء.
وقد علمت مع ذلك من مدح بقوله:
من أمر ذي بدوات لا تزال له ... بزلاء يعيا بها الجثّامة اللّبد [٣]
وأنّ الآخر [٤] قال:
ليت هندا أنجزتنا ما تعد ... وشفت أنفسنا ممّا تجد
واستبدّت مرّة واحدة ... إنّما العاجز من لا يستبدّ
_________
[١] بهذه الكلمة آثار طمس فى الأصل، لم يظهر منها إلا القاف والياء والدال والهاء.
[٢] أضاعت الرطوبة الألف والدال من نهاية هذه الكلمة.
[٣] البيت للراعي في ديوانه ٥٢، وسمط اللآلىء ١: ٢٠٣، وفصل المقال ١٤٧، ونوادر أبى زيد ٧٥، واللسان (بزل، بدا، جثم، لبد) . والبدوات: جمع بداة كغداة.
والعرب تقول للرجل الحازم: فلان ذو بدوات، أي ذو آراء تظهر فيختار أجودها. وقد وردت الكلمة هنا برسم «بدأت» والمعروف «بدوات» . والبزلاء: الرأي الجيد الذى يشق عن الصواب. والجثّامة: البليد. واللبد، بضم ففتح: الذي لا يسافر ولا يبرح منزله ولا يطلب معاشا. ويقال أيضا «اللّبد» بفتح فكسر.
[٤] هو عمر بن أبى ربيعة. ديوانه ٧٦، والبيان ١: ٣٥.
1 / 27